ولا كفارة عليه) قال الحافظ ابن عبد البر حجة من لم يوجب الكفارة باضطراب هذا الحديث وأن الذمة على البراءة ولا يجب أن يثبت فيها شئ لمسكين ولا غيره إلا بدليل لا مدفع فيه ولا مطعن عليه وذلك معدوم في هذه المسألة كذا في التلخيص وقال الخطابي في المعالم ذهب إلى إيجاب الكفارة عليه غير واحد من العلماء ومنهم قتادة وأحمد بن حنبل وإسحاق وقال به الشافعي قديما ثم قال في الجديد لا شئ عليه قلت ولا ينكر أن يكون فيه كفارة لأنه وطء محظور كالواطئ في رمضان وقال أكثر العلماء لا شئ عليه ويستغفر الله وزعموا أن هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس ولا يصح متصلا مرفوعا والذمم بريئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها وكان ابن عباس يقول إذا أصابها في فور الدم تصدق بدينار وإن كان في اخره فنصف دينار وقال قتادة دينار للحائض ونصف دينار إذا أصابها قبل أن تغتسل وكان أحمد بن حنبل يقول هو مخير بين الدينار ونصف الدينار انتهى كلام الخطابي بلفظه قلت وذهب إلى إيجاب الكفارة على من وطئ امرأته وهي حائض ابن عباس والحسن البصري وسعيد بن جبير والأوزاعي أيضا واختلفوا في الكفارة فقال الحسن وسعيد عتق رقبة وقال الباقون دينار أو نصف دينار على اختلاف منهم في الحال الذي يجب فيه الدينار أو نصف الدينار بحسب اختلاف الروايات كذا في النيل قوله (وقد روى مثل قول ابن المبارك عن بعض التابعين منهم سعيد بن جبير وإبراهيم) هو النخعي ولعل لسعيد بن جبير في هذه المسألة قولان ومنهم عطاء وابن أبي مليكة والشعبي ومكحول والزهري وربيعة وحماد بن أبي سليمان وأيوب السختياني وسفيان الثوري والليث بن سعد ومالك وأبو حنيفة وهو الأصح عن الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وجماهير من السلف قالوا إنه لا كفارة عليه بل الواجب الاستغفار والتوبة وأجابوا عن الحديث بما سبق من المطاعن قالوا والأصل البراءة فلا ينتقل عنها إلا بحجة قال الشوكاني بعد ذكر هذا ما لفظه وقد عرفت انتهاض الرواية الأولى من حديث الباب فالمصير إليها متحتم وعرفت بما أسلفناه صلاحيتها للحجية وسقوط الاعتلالات الواردة عليها انتهى قلت ومن الاعتلالات اعتلال الاختلاف في رفعها ووقفها وقد عرفت أن قول عبد الرحمن بن مهدي يؤيد وقفها وبين البيهقي في روايته أن شعبة رجع عن رفعها فتأمل
(٣٥٩)