تسع وخمسين وكل من كان في هذه المدة بمكة من الصحابة ومن التابعين كانوا يسمعون تأذينه بالترجيع وكذلك يسمع كل من يرد في مكة في مواسم الحج وهي مجمع المسلمين فيها فلو كان ترجيع أبي محذورة غير مشروع وكان من خطئه لأنكروا عليه ولم يقروه على خطئه ولكن لم يثبت إنكار أحد من الصحابة وغيرهم على أبي محذورة في ترجيعه في الأذان فظهر بهذا بطلان تلك الأقوال وثبت أن الترجيع من سنة الأذان بل ثبت إجماع الصحابة على سنيته على طريق الحنفية فتفكر وقد بسطنا الكلام في هذه المسألة في كتابنا أبكار المنن في نقد آثار السنن واستدل لمن لم يقل بمشروعية الترجيع بما رواه مسلم عن عمر بن الخطاب مرفوعا إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله الحديث قيل يستفاد من هذا الحديث أن الأذان ليس فيه الترجيع وأجيب عنه بأنه يستفاد منه أيضا أن الأذان ليس فيه تربيع التكبير ولا تثنية باقي الكلمات فما هو الجواب عنهما هو الجواب عن الترجيع واستدل أيضا بحديث عبد الله بن زيد قال ابن الجوزي في التحقيق حديث عبد الله بن زيد هو أصل في التأذين وليس فيه ترجيع فدل على أن الترجيع غير مسنون انتهى وقد عرفت جوابه جوابه في كلام النووي وقال الطحاوي في شرح الآثار كره قوم أن يقال في أذان الصبح الصلاة خير من النوم واحتجوا في ذلك بحديث عبد الله بن زيد في الأذان وخالفهم في ذلك آخرون فاستحبوا أن يقال ذلك في التأذين للصبح بعد الفلاح وكان الحجة لهم في ذلك أنه وإن لم يكن ذلك في حديث عبد الله بن زيد فقد علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا محذورة بعد ذلك فلما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أبا محذورة كان زيادة على ما في حديث عبد الله بن زيد ووجب استعمالها انتهى كلام الطحاوي قلت فكذلك يقال إن الترجيع وإن لم يكن في حديث عبد الله بن زيد فقد علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا محذورة بعد ذلك فلما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أبا محذورة كان زيادة على ما في حديث عبد الله بن زيد فوجب استعماله
(٤٨٨)