على ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجع وامدد من صوتك هكذا اللفظ في هذا الحديث انتهى وهذا التأويل مردود فإنه وقع في رواية أبي داود ثم ارجع فمد من صوتك بزيادة لفظ ثم ولفظه هكذا قل الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله مرتين مرتين قال ثم ارجع فمد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله إلخ فمعنى قوله ثم ارجع فمد من صوتك أي اخفض صوتك بالشهادتين مرتين مرتين ثم ارجع فمد من صوتك وارفعه بهما مرتين مرتين يدل عليه رواية أبي داود التي ذكرناها قبل هذا بلفظ تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ترفع بها صوتك ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا إله إلا الله إلخ والروايات بعضها يفسر بعضا ويرد هذا التأويل أيضا ما رواه الترمذي في هذا الباب بإسناد صحيح عن أبي محذورة بلفظ إن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة ومنها ما ذكره أبو زيد الدبوسي في الأسرار وتبعه بعض شراح الهداية من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك لحكمة رويت في قصته وهي أن أبا محذورة كان يبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام بغضا شديدا فلما أسلم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرك أذنه وقال له ارجع وأمدد بها من صوتك ليعلم أنه لا حياء من الحق أو ليزيد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتكرير الشهادتين ورده العيني حيث قال هذا ضعيف فإنه خفض صوته عند ذكر اسم الله تعالى أيضا بعد أن رفع صوته بالتكبير ولم ينقل في كتب الحديث أنه عرك أذنه انتهى ومنها ما قال ابن الجوزي في التحقيق من أن أبا محذورة كان كافرا قبل أن يسلم فلما أسلم ولقنه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان أعاد عليه الشهادة وكررها ليثبت عنده ويحفظها ويكررها على أصحابه المشركين فلما كررها عليه ظنها من الأذان ومنها ما قال صاحب الهداية من أن ما رواه كان تعليما فظنه ترجيعا وقد ذكر الحافظ الزيلعي في نصب الراية هذه الأقوال وقال هذه الأقوال متقاربة في المعنى ثم ردها فقال ويردها لفظ أبي داود قلت يا رسول الله علمني سنة الأذان وفيه ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بها فجعله من سنة الأذان وهو كذلك في صحيح ابن حبان ومسند أحمد انتهى وكذلك رد هذه الأقوال الحافظ ابن حجر في الدراية قلت ولرد هذه الأقوال وجوه أخرى منها أن فيها سوء الظن بأبي محذورة ونسبة الخطأ إليه من غير دليل ومنها أن أبا محذورة كان مقيما بمكة مؤذنا لأهلها إلى أن توفي وكانت وفاته سنة 59
(٤٨٧)