ويوتر الإقامة وقال هذا حديث صحيح عليه ثم قال قالوا وهذا ظاهر في النسخ لأن بلالا أمر بإفراد الإقامة أول ما شرع الأذان على ما دل عليه حديث أنس وأما حديث أبي محذورة كان عام حنين وبين الوقتين مدة مديدة قال وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم فرأوا أن الإقامة فرادى وذهبوا في ذلك إلى حديث أنس وأجابوا عن حديث أبي محذورة بوجوه منها أن من شرط الناسخ أن يكون أصح سندا وأقوم قاعدة في جميع جهات الترجيحات على ما قدرناه في مقدمة الكتاب وغير مخفي على من الحديث صناعته أن حديث أبي محذورة لا يوازي حديث أنس في جهة واحدة في الترجيحات فضلا عن الجهات كلها ومنها أن جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة بدليل ما أخبرنا به أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفقيه فذكر بإسناده عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أخبرني جدي عبد الملك بن أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة وقال عبيد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك قال أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر لا إله إلا الله ونحو ذلك حكى الشافعي عن ولد أبي محذورة في بقاء أبي محذورة وولده على إفراد الإقامة دلالة ظاهرة على وهم وقع فيما روى في حديث أبي محذورة من تثنية الإقامة قال ثم لو قدرنا أن هذه الزيادة محفوظة وأن الحديث ثابت ولكنه منسوخ وأذان بلال هو آخر الأذانين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من حنين ورجع إلى المدينة أقر بلالا على أذانه وإقامته انتهى كلام الحازمي قلت قد تكلم القاضي الشوكاني على هذه الوجوه التي ذكرها الحازمي في الجواب عن حديث أبي محذورة فقال وقد أجاب القائلون بإفراد الإقامة عن حديث أبي محذورة بأجوبة منها أن من شرط الناسخ أن يكون أصح سندا وأقوم قاعدة وهذا ممنوع فإن المعتبر في الناسخ مجرد الصحة لا الأصحية ومنها أن جماعة من الأئمة ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة ورووا من طريق أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة كما ذكر ذلك الحازمي في الناسخ والمنسوخ وأخرجه البخاري في تاريخه والدارقطني وابن خزيمة وهذا الوجه غير نافع لأن القائلين بأنها غير محفوظة غاية ما اعتذروا به عدم الحفظ وقد حفظ غيرهم من الأئمة كما تقدم ومن علم حجة على من لا يعلم وأما رواية إيتار الإقامة عن أبي محذورة فليست كرواية التشفيع على أن الاعتماد على الرواية المشتملة على الزيادة ومن الأجوبة أن تثنية الإقامة لو فرض أنها محفوظة وأن الحديث بها ثابت لكانت منسوخة فإن أذان بلال هو آخر الأمرين لأن النبي صلى الله عليه وسلم
(٤٩٩)