قوله (وبه يقول عبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق) وبه يقول الليث والأوزاعي وأهل المدينة وغيرهم يقولون إن تعجيل العصر أفضل وهو الحق يدل عليه أحاديث الباب وقال محمد في الموطأ تأخير العصر أفضل عندنا من تعجيلها إذا صليتها والشمس بيضاء نقية لم تدخلها صفرة وبذلك جاء عامة الآثار وهو قول أبي حنيفة انتهى وعلله صاحب الهداية وغيره من الفقهاء الحنفية بأن في تأخيرها تكثير النوافل وقد رده صاحب التعليق الممجد وهو من العلماء الحنفية بأنه تعليل في مقابلة النصوص الصحيحة الصريحة الدالة على أفضلية التعجيل وهي كثيرة مروية في الصحاح الستة وغيرها انتهى وقد استدل العيني في البناية شرح الهداية على أفضلية التأخير بأحاديث الأول ما أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه عن جده قال قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية والثاني حديث رافع بن خديج الذي أشار إليه الترمذي والثالث حديث أم سلمة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلا للظهر منكم وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه أخرجه الترمذي في باب تأخير العصر الآتي والرابع حديث أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس بيضاء وأجاب عن هذه الأحاديث صاحب التعليق الممجد فقال ولا يخفى على الماهر ما في الاستناد بهذه الأحاديث أما الحديث الأول فلا يدل إلا على أنه كان يؤخر العصر ما دام كون الشمس بيضاء وهذا أمر غير مستنكر فإنه لم يقل أحد بعدم جواز ذلك والكلام إنما هو في فضيلة التأخير وهو ليس بثابت منه لا يقال هذا الحديث يدل على أن التأخير كان عادته يشهد به لفظ كان لأنا نقول لو دل على ذلك لعارضه كثير من الأحاديث القوية الدالة على أن عادته كانت التعجيل فالأولى أن لا يحمل هذا الحديث على الدوام دفعا للمعارضة واعتبارا لتقديم الأحاديث القوية انتهى قلت حديث عبد الرحمن بن علي بن شيبان ضعيف فإنه رواه عنه يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان وهو مجهول كما صرح به في التقريب والخلاصة والميزان فهذا الحديث الضعيف لا يصلح للاحتجاج قال وأما الحديث الثاني فقد رواه الدارقطني عن عبد الواحد بن نافع فذكر بمثل ما ذكرنا عن نصب الراية قال وأما الحديث الثالث فإنما يدل على كون التعجيل في الظهر أشد من التعجيل في العصر لا على استحباب التأخير قال وأما الحديث الرابع فلا يدل أيضا على استحباب التأخير قلت بل هو يدل على استحباب التعجيل فإن الطحاوي رواه هكذا عن أنس مختصرا ورواه أصحاب الكتب
(٤٢١)