حقهم التعجيل والمشهور عن أحمد التسوية من غير تخصيص ولا قيد وهو قول إسحاق والكوفيين وابن المنذر واستدل له الترمذي بحديث أبي ذر قال فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشافعي لم يأمر بالإبراد لاجتماعهم في السفر وكانوا لا يحتاجون إلى أن ينتابوا من البعد وتعقبه الكرماني بأن العادة في العسكر الكثير تفرقتهم في أطراف المنزل للتخفيف وطلب الرعي فلا نسلم اجتماعهم في تلك الحالة انتهى وأيضا فلم تجر عادتهم باتخاذ خباء كبير يجمعهم بل كانوا يتفرقون في ظلال الشجر وليس هناك كن يمشون فيه فليس في سياق الحديث ما يخالف ما قاله الشافعي وغايته أنه استنبط من النص العام وهو الأمر بالإبراد معنى يخصصه وذلك جائز على الأصح في الأصول لكنه مبني على أن العلة في ذلك تأذيهم بالحر في طريقهم وللمتمسك بعمومه أن يقول العلة فيه تأذيهم بحر الرمضاء في جباههم حالة السجود ويؤيده حديث أنس كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر رواه أبو عوانة في صحيحه بهذا اللفظ وأصله في مسلم وفي حديث أيضا في الصحيحين نحوه والجواب عن ذلك أن العلة الأولى أظهر فإن الإبراد لا يزيل الحر عن الأرض انتهى كلام الحافظ قلت الظاهر عندي هو ما ذهب إليه الجمهور لإطلاق الحديث والله تعالى أعلم تنبيه قال صاحب العرف الشذي هذا الموضع الذي اعترض فيه الترمذي على الشافعي مع كونه مقلدا للشافعي انتهى قلت قد بينا في المقدمة أن الإمام الترمذي لم يكن مقلدا للشافعي ولا لغيره واعتراضه هذا أيضا يدل على أنه لم يكن مقلدا له فإنه ليس من شأن المقلد الاعتراض على إمامه المقلد وأيضا لو كان الترمذي مقلدا للشافعي لقوى دلائله ومسالكه في جميع مواقع بيان المذاهب أو غالبها وضعف دلائل غيره ومسالكه كما هو دأب المقلد ألا ترى أن صاحب الهداية كيف قوى دلائل إمامه الإمام أبي حنيفة وزيف دلائل غيره من ابتداء الهداية إلى آخرها فتفكر وقد اعترف صاحب تتمة مسك الذكي ههنا بأن الترمذي لم يكن شافعيا قوله (نا أبو داود) هو سليمان بن داود الطيالسي (عن مهاجر أبي الحسن) التيمي مولاهم الصائغ روى عن ابن عباس والبراء وعنه شعبة ومسعر وثقه أحمد وابن معين وغيرهما (عن زيد
(٤١٧)