واحدة وبمسح الوجه والكفين بأعذار كلها باردة ذكرها صاحب السعاية من العلماء الحنفية مع الكلام عليها فنحن نذكر عبارته ههنا فإنها كافية لرد أعذارهم قال أعلم أن نزاعهم في مقامين الأول في كيفية مسح الأيدي هل هو إلى الإبط أم إلى المرفق أم إلى الرسغ والثاني في توحد الضربة للوجه واليدين وتعددها أما النزاع الأول فأضعف الأقوال فيه هو القول الأول وأقوى الأقوال فيه من حيث الدليل هو الاكتفاء بمسح اليدين إلى الرسغين لما ثبت في روايات حديث عمار الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه كيفية التيمم حين بلغه تمعكه في التراب واكتفى فيه على مسح الوجه والكفين قال وأجيب عنه بوجوه أحدها أن تعليمه لعمار وقع بالفعل وقد ورد في الأحاديث القولية المسح إلى المرفقين ومن المعلوم أن القول مقدم على الفعل وفيه نظر أما أولا فلأن تعليمه وإن كان بالفعل لكنه انضم معه قوله إنما كان يكفيك هذا فصار الحديث في حكم الحديث القولي وأما ثانيا فلأنه ورد في رواية لمسلم إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك وفي رواية للبخاري يكفيك الوجه والكفان وهذا يدل على أن التعليم وقع بالقول أيضا وثانيهما ما ذكره النووي والعيني وغيرهما من أن مقصوده صلى الله عليه وسلم بيان صورة الضرب وكيفية التعليم لا بيان جميع ما يحصل به التيمم فلا يدل ذلك على عدم افتراض ما عدا المذكور فيه وفيه أيضا نظر أما أو فلأن سياق الروايات شاهد بأن المراد بيان جميع ما يحصل به التيمم وإلا لم يقل صلى الله عليه وسلم إنما كان يكفيك فحمله على مجرد تعليم صورة الضرب حمل بعيد وأما ثانية فلأنه لو لم يكن المقصود من التعليم بيان جميع ما يحصل به التيمم لزم السكوت في معرض الحاجة وهو غير جائز من صاحب الشريعة وذلك لأن عمارا لم يكن يعلم كيفية التيمم المشروعة ولم يكن تحقق عنده ما يكفي في التيمم ولذلك تمعك في التراب تمعك الدابة فلما ذكر ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له بد من بيان جميع ما يحصل به التيمم لاحتياج عمار إليه غاية الحاجة والاكتفاء في تعليمه عند ذلك ببيان صورة الضرب فقط مضر بالمقصود لبقاء جهالة ما وراءه وثالثها أن المراد بالكفين في تلك الروايات اليدان وفيه نظر ظاهر فإن ذكر اليد وإرادة بعض منها واقع شائع كما في قوله تعالى السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقوله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف الآية حيث ذكر فيها
(٣٨١)