في حديث ثوبان المذكور كل ما يسخن به القدم دون غيره فعليه بيان الدليل الصحيح ودونه خرط القتاد تنبيه اخر قال الحافظ بن تيمية في فتاواه ما لفظه يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما سواء كانت مجلدة أو لم تكن في أصح قولي العلماء ففي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك فإن الفرق بين الجوربين والنعلين إنما هو كون هذا من صوف وهذا من جلود ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة فلا فرق بين أن يكون جلودا أو قطنا أو كتابا أو صوفا كما لم يفرق بين سواد اللباس في الإحرام وبياضه وغايته أن الجلد أبقى من الصوف وهذا لا تأثير له كما لا تأثير لكون الجلد قويا بل يجوز المسح على ما يبقى وما لا يبقى وأيضا فمن المعلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا كالحاجة إلى المسح على هذا سواء ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقا بين المتماثلين وهذا خلاف العدل والاعتبار الصحيح الذي جاء به الكتاب والسنة وما أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله انتهى كلامه قلت كلام الحافظ بن تيمية هذا ليس مخالفا لما اخترنا من أن الجوربين إذا كانا ثخينين صفيقين يمكن تتابع المشي فيهما يجوز المسح عليهما فإنهما في معنى الخفين فإنه رحمه الله قيد جواز المسح على الجوربين بقوله إذا كان يمشي فيهما وظاهر أن تتابع المشي فيهما لا يمكن فيهما إلا إذا كانا ثخينين وأما قوله ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقا بين المتماثلين فإنما يستقيم إذا كان الجوربان ثخينين بحيث يمكن تتابع المشي فيهما وأما إذا كانا رقيقين بحيث لا يمكن تتابع المشي فيهما فلا كما عرفت فيما تقدم فقيام الجوربين الرقيقين على الخفين قياس مع الفارق هذا ما عندي والله تعالى أعلم
(٢٨٨)