في أفواههن دون أعينهن مع أن الأعين محل البكاء الإشارة إلى أن النهي لم يقع عن مجرد البكاء بل عن قدر زائد عليه من صياح أو نياحة والله أعلم * الحديث الرابع (قوله حدثني محمد بن أبي بكر) هو المقدمي وعمر بن علي هو عمه وعامر هو الشعبي (قوله يا ابن ذي الجناحين) تقدم شرحه في مناقب جعفر وأنه عوض بذلك عن قطع يديه في تلك الوقعة حيث أخذ اللواء بيمينه فقطعت ثم أخذه بشماله فقطعت ثم احتضنه فقتل وأن النسفي روى عن البخاري أنه يقال لكل ذي ناحيتين جناحان وأنه أشار إلى أن الجناحين في هذه القصة ليسا على ظاهرهما وقال السهيلي قوله جناحان ليسا كما يسبق إلى الوهم كجناحي الطير وريشه لان الصورة الآدمية أشرف الصور وأكملها فالمراد بالجناحين صفة ملكية وقوة روحانية أعطيها جعفر وقد عبر القرآن عن العضد بالجناح توسعا في قوله تعالى واضمم إليك جناحك وقال العلماء في أجنحة الملائكة انها صفات ملكية لا تفهم إلا بالمعاينة فقد ثبت أن لجبريل ستمائة جناح ولا يعهد للطير ثلاثة أجنحة فضلا عن أكثر من ذلك وإذا لم يثبت خبر في بيان كيفيتها فنؤمن بها من غير بحث عن حقيقتها انتهى وهذا الذي جزم به في مقام المنع والذي نقله عن العلماء ليس صريحا في الدلالة لما ادعاه ولا مانع من الحمل على الظاهر إلا من جهة ما ذكره من المعهود وهو من قياس الغائب على الشاهد وهو ضعيف وكون الصورة البشرية أشرف الصور لا يمنع من حمل الخبر على ظاهره لان الصورة باقية وقد روى البيهقي في الدلائل من مرسل عاصم بن عمر بن قتادة أن جناحي جعفر من ياقوت وجاء في جناحي جبريل أنهما لؤلؤ أخرجه بن منده في ترجمة ورقة * الحديث الخامس (قوله حدثنا سفيان) هو الثوري وإسماعيل هو ابن أبي خالد والاسناد كله كوفيون إلا الصحابي (قوله دق في بدي) بضم الدال فسره في الرواية الأولى بقوله انقطعت (قوله يمانية) بتخفيف التحتانية وحكى تشديدها وهذا الحديث يقتضي أن المسلمين قتلوا من المشركين كثيرا وقد روى أحمد وأبو داود من حديث عوف بن مالك ان رجلا من أهل اليمن رافقه في هذه الغزوة فقتل روميا وأخذ سلبه فاستكثره خالد بن الوليد فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل على أن ذلك بعد أن قام خالد بن الوليد بالامر وهو يرجح أن خالدا لم يقتصر على حوز المسلمين والنجاة بهم بل باشر القتال فيمكن الجمع كما تقدم * الحديث السادس (قوله عن حصين) هو ابن عبد الرحمن وعامر هو الشعبي كما في الرواية الثانية قوله (أغمي على عبد الله بن رواحة) أي ابن ثعلب بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي أحد شعراء النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار وأحد النقباء بالعقبة وأحد البدريين (قوله فجعلت أخته عمرة) هي والدة النعمان بن بشير راوي الحديث ووقع في رواية هشيم عند أبي نعيم وفي مرسل أبي عمران الجوني عند ابن سعد أنها أمه وهو خطأ فلو كانت أمه تسمى عمرة لجوزت وقوع ذلك لهما ولكن اسم أمه كبشة بنت واقد وهذا الحديث ذكره خلف في مسند النعمان وذكره المزي في مسند عبد الله بن رواحة وهو واضح لان المتن منقول عنه وينبغي أن يذكر أيضا في مسند عمرة لقوله في الطريق الثانية لم تبك عليه أي عمرة فهو نقل من النعمان ما صنعت أمه ولما قال خاله لكن يصغر النعمان عن إدراك ذلك من خاله فالذي يظهر أنه إنما نقل جميع ذلك عن أمه فيكون الحديث من رواية النعمان عن أمه عن أخيها فيكون ذلك من رواية ثلاثة من الصحابة في نسق (قوله وا جبلاه) وكذا وكذا تعدد
(٣٩٧)