إلى قوله لأول الحشر وقاتلهم حتى صالحهم على الجلاء فأجلاهم إلى الشام وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا وكان الله قد كتب عليهم الجلاء ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل والسباء وقوله لأول الحشر فكان جلاؤهم أول حشر حشرا في الدنيا إلى الشام وحكى ابن التين عن الداودي أنه رجح ما قال ابن إسحاق من أن غزوة بني النضير كانت بعد بئر معونة مستدلا بقوله تعالى وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم قال وذلك في قصة الأحزاب (قلت) وهو استدلال واه فإن الآية نزلت في شأن بني قريظة فإنهم هم الذين ظاهروا الأحزاب وأما بنو النضير فلم يكن لهم في الأحزاب ذكر بل كان من أعظم الأسباب في جمع الأحزاب ما وقع من جلائهم فإنه كان من رؤوسهم حيى بن أخطب وهو الذي حسن لبني قريظة الغدر وموافقة الأحزاب كما سيأتي حتى كان من هلاكهم ما كان فكيف يصير السابق لاحقا (قوله وقول الله عز وجل هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب إلى قوله أن يخرجوا) وقد وضح المراد من ذلك في أثر عبد الرزاق المذكور وقد أورد ابن إسحاق تفسيرها لما ذكر هذه الغزوة واتفق أهل العلم على أنها نزلت في هذه القصة قاله السهيلي قال ولم يختلفوا في أن أموال بني النضير كانت خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن المسلمين لم يوجفوا عليهم بخيل ولا ركاب وأنه لم يقع بينهم قتال أصلا (قوله وجعله ابن إسحاق بعد بئر معونة وأحد) كذا هو في المغازي لابن إسحاق مجزوما به ووقع في رواية القابسي وجعله إسحاق قال عياض وهو وهم والصواب ابن إسحاق وهو كما قال ووقع في شرح الكرماني محمد بن إسحاق بن نصر وهو غلط وإنما اسم جده يسار وقد ذكره ابن إسحاق عن عبد الله ابن أبي بكر بن حزم وغيره من أهل العلم أن عامر بن الطفيل أعتق عمرو بن أمية لما قتل أهل بئر معونة عن رقبة كانت على أمه فخرج عمرو إلى المدينة فصادف رجلين من بني عامر معهما عقد وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر به عمرو فقال لهما عمرو ممن أنتما فذكرا أنهما من بني عامر فتركهما حتى ناما فقتلهما عمرو وظن أنه ظفر ببعض ثأر أصحابه فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال لقد قتلت قتيلين لأودينهما انتهى وسيأتي خبر غزوة بئر معونة بعد غزوة أحد وفيها عن عروة أن عمرو بن أمية الضمري كان مع المسلمين فأسره المشركون قال ابن إسحاق فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في ديتهما فيما حدثني يزيد بن رومان وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف فلما أتاهم أيستعينهم قالوا نعم ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا إنكم لن تجدوه على مثل هذه الحال قال وكان جالسا إلى جانب جدار لهم فقالوا من رجل يعلو على هذا البيت فيلقى هذه الصخرة عليه فيقتله ويريحنا منه فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فأتاه الخبر من السماء فقام مظهرا أنه يقضي حاجة وقال لأصحابه لا تبرحوا ورجع مسرعا إلى المدينة واستبطأه أصحابه فأخبروا أنه توجه إلى المدينة فلحقوا به فأمر بحربهم والمسير إليهم فتحصنوا فأمر بقطع النخل والتحريق وذكر ابن إسحاق أنه حاصرهم ست ليال وكان ناس من المنافقين بعثوا إليهم أن أثبتوا وتمنعوا فإن قوتلتم قاتلنا معكم فتربصوا فقذف الله في قلوبهم الرعب فلم ينصروهم فسألوا أن يجلوا عن أرضهم على أن لهم ما حملت الإبل فصولحوا على ذلك وروى البيهقي في الدلائل من حديث محمد بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى بني النضير وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاثة أيام قال ابن إسحاق فاحتملوا إلى خيبر وإلى الشام قال
(٢٥٤)