به يستعد لإدراك الأشياء).
ولم ينصف من أنكر هذا ورد العقل إلى مجرد العلوم الضرورية، فان الغافل عن العلوم والنائم يسميان عاقلين باعتبار هذه الغريزة، مع فقد العلوم وكما أن الحياة غريزة بها يتهيأ الجسم للحركات الاختيارية والادراكات الحسية، فكذلك العقل غريزة بها يتهيأ بعض الحيوانات للعلوم النظرية.
ولو جاز أن يسوى بين الانسان والحمار في الغريزة، ويقال: لا فرق بينهما الا أن الله تعالى - بحكم اجراء العادة - يخلق في الانسان علوما وليس يخلقها في الحمار وسائر البهائم، لجاز ان يسوى بين الجماد والحمار في الحياة، ويقال أيضا: لا فرق الا أن الله تعالى يخلق في الحمار حركات مخصوصة بحكم اجراء العادة، فإنه لو قدر الحمار جمادا ميتا، لوجب القول: بأن كل حركة تشاهد منه، فالله تعالى قادر على خلقها فيه على الترتيب المشاهد، وكما وجب أن يقال: لم تكن مفارقته للجماد في الحركة الا لغريزة اختصت به عبر عنها بالحياة، فكذلك مفارقة الانسان للبهيمة في ادراك العلوم النظرية بغريزة يعبر عنها بالعقل، وذلك كالمرآة التي تفارق غيرها من الأجسام في حكاية الصور والألوان، لصفة اختصت بها وهي الصقالة، وكذلك العين تفارق الجبهة في هيئات وصفات استعدت بها للرؤية فنسبة هذه الغريزة إلى العلوم نسبة العين إلى الرؤية، ونسبة القرآن والشرع إلى هذا الغريزة في سياقها إلى انكشاف العلوم لها كنسبة نور الشمس إلى البصر، فهكذا ينبغي أن تفهم هذه الغريزة.
(المعنى الثاني) الذي يطلق عليه العقل: انه عبارة عن العلوم التي تخرج إلى الوجود في ذات الطفل المميز بجواز الجائزات واستحالة المستحيلات كالعلم بأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الشخص الواحد لا يكون في آن واحد في مكانين، وهو الذي عناه بعض المتكلمين، حيث قال في حد العقل: