والأرض) (28) وسمى ضده عمى، فقال: (فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (29) وقال تعالى: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) (30).
وهذه الأمور التي كشفت للأنبياء صلوات الله عليهم بعضها كان بالبصر وبعضها كان بالبصيرة، وسمي جميعها رؤية.
وبالجملة من لم يكن بصيرته الباطنة ثاقبة لم يعلق به من الدين الا قشوره، وأمثلته دون لبابه وحقائقه، فهذه أقسام ما يطلق عليه اسم العقل.
في بيان تفاوت الناس في العقل قد اختلف الناس في معنى تفاوت العقل، ولا معنى للاشتغال بنقل كلام من قل تحصيله، بل الأولى المبادرة إلى التصريح بالحق، والحق الصريح فيه أن التفاوت يتطرق إلى الأقسام الأربعة سوى القسم الثاني، وهو العلم الضروري بجواز الجائزات واستحالة المستحيلات، فان من عرف أن الاثنين أكثر من الواحد عرف أيضا استحالة كون الشخص الواحد في مكانين، وكون الشئ الواحد قديما حادثا، وكذلك سائر النظائر، وكل من يدركه فإنه يدركه ادراكا محققا من غير شك.
وأما الأقسام الثلاثة فالتفاوت يتطرق إليها: أما القسم الرابع - وهو انتهاء القوة الغريزية إلى حد تستولي على قمع الشهوات - فلا يخفى تفاوت الناس فيه، بل لا يخفى تفاوت أحوال الشخص الواحد، وهذا التفاوت