(انه بعض العلوم الضرورية بجواز الجائزات، واستحالة المستحيلات).
وهذا أيضا صحيح في نفسه، لأن هذه العلوم موجودة وتسميتها عقلا ظاهرا، وإنما الفاسد أن تنكر تلك الغريزة، ويقال: (لا موجود الا هذه العلوم).
(المعنى الثالث) انه علوم تستفاد من التجارب بمجاري الأحوال فان من حنكته التجارب وهذبته المذاهب يقال له في العادة (انه عاقل) ومن لا يتصف بذلك يقال: (انه غبي غمر جاهل). فهذا نوع آخر من العلوم يسمى عقلا.
(المعنى الرابع) ان العقل عبارة عن انتهاء هذه القوة الغريزية في الشخص إلى أن يعرف عواقب الأمور، فيقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة ويقهرها، فإذا حصلت هذه القوة سمي صاحبها (عاقلا)، حيث إن اقدامه وامساكه يكونان بحسب ما يقتضيه النظر في العواقب لا بحكم الشهوة العاجلة وهذه أيضا من خواص الانسان التي يتميز بها عن سائر الحيوانات.
والمعنى الأول هو الأس والمنبع، والثاني هو الفرع الأقرب إليه، والمعنى الثالث متفرع على الأول والثاني، إذ بقوة الغريزة والعلوم الضرورية تستفاد علوم التجارب، والرابع هو الثمرة الأخيرة، وهي الغاية القصوى، فالأولان بالطبع، والأخيران بالاكتساب، ولذلك قال علي عليه السلام:
رأيت العقل عقلين * فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع * إذ لم يك مطبوع كما لا تنفع الشمس * وضوء العين ممنوع (16) والأول هو المراد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما خلق الله خلقا