ومن قوله عليه السلام: (يا بني ان من البلاء الفاقة) إلى قوله: (لذة في غير محرم) رواه في المختار (388، و 390) من الباب الثالث من نهج البلاغة، وفي نسخة ابن أبي الحديد ذكرهما تحت الرقم (395 و 3906).
وههنا مقامات:
(المقام الأول):
انه أطبقت الكتب الإلهية، واجمع أصحاب الحس والادراك من الملين وغيرهم على وجود العقل، وكونه من اجل النعم التي امتن الله بها على خلقه، وخصها لأشرف بريته، وان من حرم منها فكأنه حرم من كل شئ، ومن نالها فقد نال ما يفوق ويعلوا كل شئ.
وأيضا اتفقوا على أن العقل حاكم، وان حكومته عبارة عن الحث في الخيرات، والبعث على تحصيل المصالح وجلب المنافع، وان حكومته في الشرور والمضار هو الردع عنها، والاجتناب منها، وان حكمه في الموارد الجزئية، والمواطن الشخصية، فرع ادراكه على أنه مما فيه النفع أو الضرر سواء كان ترتب النفع أو الضرر على نفس الارتكاب بلا دخل شئ آخر فيه، أو كان ترتبهما - قطعا أو احتمالا - من جهة امر آمر على الارتكاب أو الاجتناب لأجل مصالح أو مفاسد اقتضت ذلك، مع كون الآمر ممن من شأنه ان يعاقب المتمرد عن امره أو نهيه.
وهذا معنى حكومة العقل، لا ان حكومته عبارة عن تشكيل جنود حسية، وسجون تكوينية، وتعذيب بدني خارجي كالضرب بالسوط وقطع الأيدي والأرجل، وقطع الأسنان، وجدع الانف، وفق ء العين وإبانة الرأس من الجسد، وصلب الجثة، إلى غير ذلك من انحاء التعذيبات الخارجية التي تتعاطاها الهيئة المسيطرة الحاكمة.