ويبين ما الذي يجب ان يعتقد في شئ شئ، وما الذي هو معدلة في شئ شئ فلا يعرف العقل مثلا ان لحم الخنزير والدم والخمر محرمة، وانه يجب ان يتحاشى من تناول الطعام في وقت معلوم، وان لا ينكح ذوات المحارم، وان لا يجامع المرأة في حال الحيض، فان أشباه ذلك لا سبيل إلى معرفتها الا بالشرع، فالشرع نظام الاعتقادات الصحيحة، والافعال المستقيمة، والدال على مصالح الدنيا والآخرة، من عدل عنه فقد ضل سواء السبيل.
ولأجل ان لا سبيل للعقل إلى معرفة ذلك، قال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (13) وقال: (ولو انا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى) (14).
والى العقل والشرع أشار بالفضل والرحمة بقوله عز وجل: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا) (15) وعنى بالقليل المصطفين الأخيار.
أقول: ان الذكر الحكيم قد حث على العقل بأنحاء التعبيرات، ومدح العقلاء بأقسام من التأكيدات، وحسبنا شاهدا لما نقول المراجعة إلى مادة (عقل) و (لبب) من كشف الآيات لمشاهدة نموذج من بيانات القرآن الكريم حول العقل والعقلاء، فإنها تغني المتدبر عن الغور في جميع المواد والسور والآيات، وكذلك تغنيه عن تصفح الاخبار الصادرة عن أهل بيت الوحي (ع).