كان الداء دواء (114) وربما نصح غير الناصح، وغش المستنصح [المتنصح (م)] (115) إياك والاتكال على المنى فإنها بضائع النوكى وتثبط في الآخرة والدنيا (116) زك قلبك بالأدب كما يذكى النار بالحطب، لا تكن كحاطب
(١١٤) وفى النهج وتحف العقول: (وربما كان الدواء داء والداء دواء) الخ. والخرق - بالضم فالسكون كقفل -: العنف والشدة. والرفق - كحبر -: المداراة واللين. وحاصله: ان كل مقام يلزم أن يعطي حقه، فإن كان المقام مقام العفو والاغماض كما إذا كان الحق لك وطرفك شخص شريف كريم يزيده التجاوز والعفو برا وصلاحا ومعدلة، فينبغي العفو، وإن كان الخصم ممن يزيده العفو عتوا ودناءة وجرءة على الفساد والافساد - كما في أغلب سواد الناس - أو كان الحق المتنازع فيه من قبيل حق الله - فالمقام مقام الشدة والعنف، ولا ينبغي اللين والرقة.
(١١٥) المستنصح - على بناء المفعول -: من يطلب منه النصح والارشاد، و (المتنصح - على صيغة اسم الفاعل -: المبالغ في النصح لمن لا ينتصح.
وحاصل المراد انه يلزم على العاقل ان يتأمل ويتفكر فيما يرشدونه إليه وينصحونه به، سواء صدر ممن يتوقع منه النصح أم من غيره، إذ رب شخص لا يطلب منه النصح وهو ناصح وغير تارك للارشاد والهداية، وربما يعد الانسان شخصا ناصحا ويتوقع منه النصح وهو غاش ومضل.
(١١٦) وفى بعض نسخ النهج: (فإنها بضائع الموتى) وفى نظم درر السمطين وتحف العقول: وتثبط عن خير الآخرة والدنيا. وفى معادن الحكمة:
(وتثبطك عن خير الآخرة) الخ. والمنى: جمع منية - بالضم فالسكون -.
وهي ما يتمناه الانسان لنفسه ويعلل نفسه باحتمال الوصول إليه. والبضائع:
جمع البضاعة وهي مال التجارة. والنوكى - كسكرى - جمع الأنوك وهو الأحمق، أو شديد الحمق. والعاجز الجاهل الضعيف العقل، والتثبط:
التعويق والتأخير. والمراد انه ينبغي ان يعمل على طبق ما يتمناه من المصالح، ويتحمل المشاق لتحصيله ولا يتكل على صرف التمني فإنه حمق، أو أنه رأس مال الموتى لان المتجر به يموت ولا يصل إلى مقصوده