أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي محمد الأنصاري، عن معاوية بن وهب قال: كنت جالسا عند جعفر بن محمد (عليهما السلام) إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا شيخ ادن مني فدنا منه فقبل يده فبكى فقال له أبو عبد الله (عليه السلام):
وما يبكيك يا شيخ؟ قال له يا بن رسول الله أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مأة سنة أقول: هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم ولا أراه فيكم فتلومني أن أبكي قال:
فبكى أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال: يا شيخ إن أخرت منيتك كنت معنا وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال الشيخ: ما أبالي ما فاتني بعد هذا يا بن رسول الله.
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): يا شيخ ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله المنزل وعترتي أهل بيتي تجيء وأنت معنا يوم القيامة.
قال: يا شيخ ما أحسبك من أهل الكوفة؟ قال: لا. قال: فمن أين أنت؟ قال: من سوادها جعلت فداك. قال: أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين (عليه السلام)؟ قال: إني لقريب منه. قال: كيف اتيانك له؟ قال: إني لأتيه وأكثر.
قال: يا شيخ ذاك دم يطلب الله تعالى به، ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين (عليه السلام) ولقد قتل (عليه السلام) في سبعة عشر من أهل بيته نصحوا لله وصبروا في جنب الله فجزاهم الله أحسن جزاء الصابرين، انه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه الحسين (عليه السلام) ويده على رأسه يقطر دما فيقول: يا رب اسل امتي فيم قتلوا ولدي.
وقال (عليه السلام): كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام) (1).