مع الربوبية فقد كذب على الله تعالى وضيع ما أمر به في حق رسله، كما أن من أفرط وجاوز الحد إلى جانب الربوبية فقد كذب على رسل الله وضيع ما أمروا به في حق ربهم سبحانه وتعالى، والعدل حفظ ما أمر الله به في الجانبين، وليس في الزيارة المشروعة من التعظيم ما يفضي إلى محذور.
وعقد في ص 75 - 87 بابا في كون السفر إلى الزيارة قربة، وبسط القول فيه وأثبته بالكتاب والسنة والاجماع والقياس، واستدل عليه من الكتاب بقوله تعالى:
ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. بتقريب صدق المجيئ وعدم فرق بين حياته صلى الله عليه وآله ومماته. ومن السنة بعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: من زار قبري. وصريح صحيحة ابن السكن: من جاءني زائرا لا تعمله حاجة إلا زيارتي. وبما دل من السنة على خروج النبي من المدينة لزيارة القبور، وإذا جاز الخروج إلى القريب جاز إلى البعيد، فقد ثبت في الصحيح خروجه صلى الله عليه وآله إلى البقيع (1) بأمر من الله تعالى وتعليم عايشة كيفية السلام على أهل البقيع. وخروجه إلى قبور الشهداء (2) ثم قال: الرابع الإجماع لإطباق السلف والخلف فإن الناس لم يزالوا في كل عام إذا قضوا الحج يتوجهون إلى زيارته صلى الله عليه وسلم ومنهم من يفعل ذلك قبل الحج هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة كما ذكرناه في الباب الثالث. وذلك أمر لا يرتاب فيه وكلهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه، وإن لم يكن طريقهم ويقطعون فيه مسافة بعيدة وينفقون فيه الأموال ويبذلون فيه المهج، معتقدين أن ذلك قربة وطاعة، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الأرض ومغاربها على ممر السنين وفيهم العلماء والصلحاء وغيرهم يستحيل أن يكون خطأ، وكلهم يفعلون ذلك على وجه التقرب به إلى الله عز وجل، ومن تأخر عنه من المسلمين فإنما يتأخر فذهب بعجز أو تعويق المقادير مع تأسفه عليه ووده لو تيسر له، ومن ادعى أن هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ فهو المخطي.
20 - قال زين الدين أبو بكر بن الحسين بن عمر القريشي العثماني المصري