فقال: من وجد سعة فلم يزرني فقد جفاني وقال صلى الله عليه وسلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي.
وقال صلى الله عليه وسلم: من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي. إلى غير ذلك من الأحاديث، ومما هو مقرر عند المحققين إنه صلى الله عليه وسلم حي يرزق ممتع بجميع الملاذ والعبادات، غير أنه حجب عن أبصار القاصرين عن شرف المقامات، ورأينا أكثر الناس غافلين عن أداء حق زيارته وما يسن للزائر من الجزئيات والكليات أحببنا أن نذكر بعد المناسك وآدابها ما فيه نبذة من الآداب تتميما لفائدة الكتاب. ثم ذكر شيئا كثيرا من آداب الزائر والزيارة كما يأتي.
28 - وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المصري المتوفى 1069 في شرح الشفا 3 ص 566: واعلم أن هذا الحديث (1) هو الذي دعا ابن تيمية ومن معه كابن القيم إلى مقالته الشنيعة التي كفروه بها وصنف فيها السبكي مصنفا مستقلا وهي منعه من زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وشد الرحال إليه وهو كما قيل:
لمهبط الوحي حقا ترحل النجب * وعند ذاك المرجى ينتهي الطلب فتوهم أنه حمى جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذكرها فإنها لا تصدر عن عاقل فضلا عن فاضل سامحه الله تعالى.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا قبري عيدا. فقيل: كره الاجتماع عنده في يوم معين على هيئة مخصوصة. وقيل: المراد لا تزوره في العام مرة فقط بل أكثروا الزيارة له (2)، وأما احتماله للنهي عنها فهو بفرض أنه المراد محمول على حالة مخصوصة أي لا تتخذوه كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة عنده وغيره مما يجتمع له في الأعياد، بل لا يؤتى إلا للزيارة والسلام والدعاء ثم ينصرف.
وقال في صحيفة 577 في شرح حديث: لا تجعلوا قبري عيدا: أي كالعيد باجتماع الناس وقد تقدم تأويل الحديث وإنه لا حجة فيه لما قاله ابن تيمية وغيره فإن إجماع الأمة على خلافه يقتضي تفسيره بغير ما فهموه فإنه نزعة شيطانية.
29 - قال الشيخ عبد الرحمن شيخ زاده 1087 في [مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر] ج 1 ص 157: من أحسن المندوبات، بل يقرب من درجة الواجبات زيارة قبر