لو صح عندي له اعتقاد * ما دنت ربي بما يدين وكان مذهبه في الاعتزال مذهب القدرية الذين يقولون بالاختيار وينزهون الله عن عقاب المجبر على ما يفعل، وذلك واضح من قوله يخاطب العباس بن القاشي و يناشده صلة المذهب:
إن لا يكن بيننا قربى فآصرة * للدين يقطع فيها الوالد الولدا مقالة العدل والتوحيد تجمعنا * دون المضاهين من ثنى ومن جحدا وبين مستطرفي غي مرافقة * ترعى فكيف اللذان استطرفا رشدا كن عند أخلاقك الزهر التي جعلت * عليك موقوفة مقصورة أبدا ما عذر (معتزلي) موسر منعت * كفاه معتزليا. مقترا صفدا؟!
أيزعم القدر المحتوم أثبطه؟! * إن قال ذاك فقد حل الذي عقدا أم ليس مستأهلا جدواه صاحبه؟! * أنى؟! وما جار عن قصد ولا عندا أم ليس يمكنه ما يرتضيه له؟! * يكفي أخا من أخ ميسور ما وجدا لا عذر فيما يريني الرأي أعلمه * للمرء مثلك ألا يأتي السددا فواضح من كلامه هذا أنه (معتزلي) وأنه من أهل العدل والتوحيد وهو الاسم الذي تسمى به القدرية لأنهم ينسبون العدل إلى الله فلا يقولون بعقوبة العبد على ذنب قضى له وسبق إليه، ولأنهم يوحدون الله فيقولون: إن القرآن من خلقه و ليس قديما مضاهيا له في صفتي الوجود والقدم، وقد اختاروا لأنفسهم هذا الاسم ليردوا به على الذين سموهم القدرية ورووا فيهم الحديث (القدرية مجوس هذه الأمة) فهم يقولون: ما نحن بالقدرية لأن الذين يعتقدون القدر أولى بأن ينسبوا إليه، إنما نحن من أهل العدل والتوحيد لأننا ننزه الله عن الظلم وعن الشريك.
وواضح كذلك من كلامه أنه يعتقد حرية الانسان فيما يأتي من خير وشر، ويحتج على زميله بهذه الحجة فيقول له: لم لا تثيبني؟! إن قلت: إن القدر يمنعك؟!
فقد حللت ما اعتقدت من اختيار الانسان في أفعاله، وإن قلت: إنك لا تريد؟! فقد ظلمت الصداقة وأخللت بالمروءة. وله عدا هذا أبيات صريحة في اعتقاد (الاختيار) وخلق الانسان لأفعاله كقوله: