يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك وتركته بستره ورددته ردا جميلا وان غلبت نفسك في أمره وأعطيته على ما عرض في نفسك منه فان. ذلك من عزم الأمور.
46 - واما حق المسؤول فحقه ان أعطى قبل منه ما أعطى بالشكر له والمعرفة لفضله وطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن واعلم أنه ان منع [ف] ماله منع وان ليس التثريب في ماله، وان كان ظالما فان الانسان لظلوم كفار.
47 - واما حق من سرك الله به وعلى يديه، فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء وكافأته على فضل الابتداء وأرصدت له المكافأة وإن لم يكن تعمدها حمدت الله وشكرته وعلمت انه منه توحدك بها وأحببت هذا إذا كان سببا من أسباب نعم الله عليك وترجو له بعد ذلك خيرا فان أسباب النعم بركة حيث ما كانت وان كان لم يعتمد ولا قوة الا بالله.
48 - واما حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل فإن كان تعمدها كان العفو أولى بك لما فيه له من القمع وحسن الأدب مع كثير أمثاله من الخلق فان الله يقول: " لمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل - إلى قوله - من عزم الأمور " وقال عز وجل: " وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " هذا في العمد فان لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه فتكون قد كافأته في تعمد على خطأ ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه ولا قوة الا بالله.
49 - واما حق اهل ملتك عامة فاضمار السلامة ونشر جناح الرحمة والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم إلى نفسه واليك فان احسانه إلى نفسه احسانه إليك إذا كف عنك اذاه وكفاك مؤونته وحبس عنك نفسه فعمهم جميعا بدعوتك وانصرهم جميعا بنصرتك وأنزلتهم جميعا منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد وصغيرهم بمنزلة الولد وأوسطهم بمنزلة الأخ. فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه.