أنفسهم وإن شق ذلك عليهم، وأن يحبوه أكثر من محبتهم لأنفسهم، ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. وفي رواية أخرى: من أهله وماله والناس أجمعين، وهو في الصحيحين من حديث أنس. ولما قال له عمر رضي الله عنه: لأنت أحب إلي من كل شئ إلا نفسي. قال له: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال النبي " ص " الآن يا عمر. رواه البخاري في صحيحه. قال الخطابي: لم يرد به حب الطبع، بل أراد حب الاختيار، لأن حب الإنسان نفسه طبع ولا سبيل إلى قلبه. قال: فمعناه لا تصدق في حبي حتى تفني في طاعتي نفسك وتؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه هلاكك. " الرابعة ". استنبط أصحابنا الشافعية من هذه الآية الكريمة أن له عليه الصلاة والسلام أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج عليه الصلاة والسلام إليهما، وعلى صاحبهما البذل، ويفدي بمهجته مهجة رسول الله " ص ". وأنه لو قصده عليه الصلاة والسلام ظالم لزم من حضره أن يبذل نفسه دونه وهو استنباط واضح ولم يذكر النبي " ص " عند نزول هذه الآية ما له في ذلك من الحظ، وإنما ذكر ما هو عليه فقال. وأيكم ما ترك دينا أو ضياعا فادعوني فأنا وليه وترك حظه فقال: وأيكم ما ترك ما لا فليورث عصبته من كان " (1).
وقال البدر العيني بشرح قوله " ص ": وأنا أولى به في الدنيا والآخرة:
" يعني أحق وأولى بالمؤمنين في كل شئ من أمور الدنيا والآخرة من أنفسهم