قال الغزالي: " ولو شرط في النص انحسام الاحتمالات البعيدة كما قال بعض أصحابنا لم يتصور لفظ صريح، وما عدوه من الآيات والأخبار يتطرق إليها احتمالات، فقوله: قل هو الله أحد يعني آله الناس دون الجن، وقوله: محمد رسول الله أي محمد؟ وإلى أي إقليم؟ وفي أي زمان؟ وقوله: يجزي عنك أي يثاب عليه، وقوله: إن اعترفت فارجمها. أي إذا لم تتب. فهذه احتمالات بعيدة تتطرق إليها " (1).
16 - تأييد هذا الحديث للمذهب الحق بوجوه وبالرغم من أن أهل السنة ينسبون هذا الكلام إلى الحسن المثنى للرد به على المذهب الحق بزعمهم، إلا أنه يظهر بالتأمل تأييده للحق بوجوه عديدة:
(الأول): إنه يفيد أن عبارة " يا أيها الناس إن عليا والي أمركم من بعدي والقائم في الناس " نص صريح في الإمامة والخلافة كنصوصه الواردة في الصلاة والزكاة والصيام والحج، فكانت تلك العبارة واضحة الدلالة بالنصوصية على خلافة علي عليه السلام مثل عباراته الواردة في الصلاة والزكاة وغيرهما من الواجبات الدينية، ولا يكون في دلالتها قصور أو التباس أو إبهام.
أقول: ولو قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أيضا لما خضع المتعصبون المتسولون له، ولما آمنوا وسلموا، بل يذكرون له الاحتمالات البعيدة، فيقولون مثلا أن المراد من " الأمر " هو المحبة والنصرة لا الإمارة والخلافة، أو أن المراد مقام القطبية والإمامة في الباطن، بأن يكون القيام في الناس بمعنى أن يأخذوا منه العلوم الباطنية ويقتدون به في تلك الجهات فحسب ... وبذلك يخرج هذا الكلام عن كونه نصا صريحا في الإمامة والخلافة،