وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي عن بريدة رضي الله عنه قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير وقال:
يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه " (1).
ومن حديثه الأخير أيضا - بالخصوص - يظهر أن المعنى المقصود من " ألست أولى... " هو نفس معنى الآية الكريمة: " النبي أولى... " وإلا لما ذكره السيوطي هذا الحديث في ذيل الآية المذكورة.
فظهر بطلان منع (الدهلوي) كون معنى " ألست أولى بالمؤمنين... " الأولوية بالتصرف في كل شئ من كلمات الواحدي والبغوي والزمخشري والبيضاوي والخوئي والنسفي والنيسابوري والعراقي والعيني والقسطلاني و المناوي والعزيزي والشربيني.
بل إن الكابلي أيضا لم يمنع ذلك وإنما قال: " إن المراد بالمولى المحب والصديق. أما فاتحته فلا تدل على أن المراد به الإمام لأنه إنما صدره بها ليكون ما يلقي إلى السامعين أثبت في قلوبهم ".
بل تتضح غرابة إنكار (الدهلوي) من كلام ابن تيمية الشهير بالتعصب الشديد وعناده للحق وأهله، فقد قال ابن تيمية: " والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعلي واليه، وإنما اللفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه.
وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل. فإن الولاية تثبت من الطرفين فإن المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم. وأما كونه أولى بهم من أنفسهم فلا يثبت إلا من طرفه صلى الله عليه وسلم، وكونه أولى بكل مؤمن من نفسه من خصائص