أقول: فإذا كان أعلام الصحابة بالنص كافيا لأن يبرأ عليه الصلاة والسلام من آثام تبعة السكوت، فإن الإمام قد أعلم المتغلبين بوجود النصوص النبوية بشأن إمامته وخلافته كما تقدم نموذج ذلك من رواية الواحدي وأسعد الأربلي وسيجئ الباقي فيما بعد إن شاء الله تعالى، وقد برأ عليه الصلاة والسلام - حسب كلام ابن حجر - من تبعات الآثام، وبذلك يظهر بطلان هذا الكلام المنسوب إلى الحسن المثنى.
15 - إفصاح النبي " ص " بأمر خلافة علي " ع " ثم إن ما جاء في هذا الحديث من قوله: " أما والله لو يعني رسول الله " ص " بذلك الأمر والسلطان والقيام على الناس لأفصح به... " تبطله الوجوه العديدة التي أقمناها سابقا على دلالة حديث الغدير على إمامته عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد بلغت دلالة الحديث على ذلك مبلغا جعلت حسان بن ثابت يفصح عن معنى هذا الحديث عن لسان النبي " ص " وفي حضوره مع تقريره " ص " لكلامه فيقول: " رضيتك من بعدي إماما وهاديا " ... ولم نجد أحدا من الصحابة ينكر عليه هذا القول،... فالإفصاح قد تحقق بأحسن ما يمكن وأتم ما يرام، وبطلت شبهات المنكرين ووساوس الشياطين.
والخلاصة: أنه متى أفاد الكلام - ولو بلحاظ القرائن - المعنى المطلوب فقد تمت به الحجة وكملت النعمة، وكان نصا قطعيا ثابتا لا يعتريه ريب، ولا تمنع عن دلالته الاحتمالات البعيدة التي يبديها المتعصبون، لأنه لو جاز الاصغاء إلى تلك الاحتمالات البعيدة التي يذكرها بعض أهل السنة حول مفاد حديث الغدير لم يبق مصداق للنص ولسقطت جميع النصوص عن الدلالة حتى أمثال " قو هو الله أحد " و " محمد رسول الله ".