فمضى علي إلى العباس رضي الله عنهما وقال له: عدل عنا لأن سعدا لا يخالف عبد الرحمن لأنه ابن عمه وعبد الرحمن صهر عثمان، فلا يختلفون فيوليها أحدهم الآخر، فقال العباس: لم أدفعك عن شئ إلا رجعت إلي مستأخرا، أشرت عليك قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسأله فيمن يجعل هذا الأمر فأبيت، وأشرت عليك حين سماك عمر في الشورى أن لا تدخل فيهم فأبيت، وهذا الرهط لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم له غيرنا وأيم الله لا يناله إلا بشر لا ينفع معه خير.
ثم جمع عبد الرحمن الناس بعد أن أخرج نفسه عن الخلافة فدعا عليا فقال: عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده، فقال: أرجو أن أفعل وأعمل مبلغ علمي وطاقتي، ودعا بعثمان وقال له مثل ما قال لعلي (فقال: نعم. صح. ظ) فرفع عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان وقال: اللهم اسمع واشهد، اللهم إني جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان وبايعه.
فقال علي: ليس هذا أول يوم تظاهر تم علينا فيه، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك، والله كل يوم هو في شأن! فقال عبد الرحمن: يا علي: لا تجعل على نفسك حجة وسبيلا، فخرج علي وهو يقول: سيبلغ الكتاب أجله.
فقال المقداد بن الأسود لعبد الرحمن: والله لقد تركته يعني عليا وأنه من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، فقال: يا مقداد! لقد أجهدت (اجتهدت: ظ) للمسلمين، فقال المقداد: إني لا عجب من قريش أنهم تركوا رجلا ما أقول ولا أعلم أن رجلا أقضى بالحق ولا أعلم منه، فقال عبد الرحمن، يا مقداد إتق الله فإني أخاف عليك الفتنة.