ثم أقبل على أهل مجلسه، فقال: إن هذا كان يفخر علي، ويقول: " أبي خير من أب يزيد، وأمي خير من أمه، وجدي خير من جده، وأنا خير منه، فهذا الذي قتله ". فأما قوله: بأن أبي خير من أب يزيد، فلقد حاج أبي أباه فقضى الله لأبي على أبيه، وأما قوله: بأن أمي خير من أم يزيد، فلعمري لقد صدق فإن فاطمة بنت رسول الله خير من أمي، وأما قوله: جدي خير من جده، فليس لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر يقول: بأنه خير من محمد، وأما قوله: بأنه خير مني، فلعله لم يقرأ هذه الآية " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك " الآية. 1 وقال ابن نما: نقلت من تاريخ دمشق عن ربيعة بن عمرو الجرشي، قال: أنا عند يزيد لعنه الله إذ سمعت صوت محفر يقول: هذا محفر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة، فأجابه يزيد لعنه الله: ما ولدت أم محفر أشر وألام 2.
وقال السيد: ثم ادخل ثقل الحسين عليه السلام ونساؤه ومن تخلف من أهله على يزيد لعنه الله وهم مقرنون في الحبال، فلما وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال، قال له علي بن الحسين عليه السلام: أنشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله صلى الله عليه وآله لو رآنا على هذه الحالة 3؟ فأمر يزيد بالحبال فقطعت، ثم وضع رأس الحسين بين يديه وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن 4 إليه، فرآه علي بن الحسين عليهما السلام فلم يأكل الرؤوس بعد ذلك أبدا 5.
وقال ابن نما: قال علي بن الحسين: أدخلنا على يزيد لعنه الله ونحن اثنا عشر رجلا مغللون، فلما وقفنا بين يديه قلت: أنشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله صلى الله عليه وآله لو رآنا على هذه الحالة؟ وقالت فاطمة بنت الحسين عليه السلام: يا يزيد بنات رسول الله سبايا؟ فبكى الناس وبكى أهل داره، حتى علت الأصوات، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: فقلت وأنا مغلول: أتأذن لي في الكلام؟ فقال: قل ولا تقول هجرا، فقال: لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي أن يقول الهجر، ما ظنك برسول الله صلى الله عليه وآله لو رآني في الغل؟ فقال لمن حوله: حلوه.