فوالله ما فريت إلا جلدك، ولا جززت 1 إلا لحمك، ولتردن على رسول الله صلى الله عليه وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلم شعثهم، ويأخذ بحقهم، " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون " 2، [و] حسبك بالله حاكما، وبمحمد صلى الله وعليه وآله خصيما، وبجبرئيل ظهيرا، وسيعلم من سوى لك 3 ومكنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلا، وأيكم شر مكانا وأضعف جندا.
ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك إني لاستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك وأستكبر 4 توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتعفرها 5 أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما، حين لا تجد إلا ما قدمت [يداك] وما ربك بظلام للعبيد، فإلى الله المشتكى وعليه المعول، فكد كيدك واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تمبت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.
فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة [والمغفرة]، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، و نسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود [و] حسبنا الله ونعم الوكيل.
فقال يزيد لعنه الله:
يا صيحة تحمد من صوائح * ما أهون الموت على النوائح قال: ثم استشار أهل الشام فيما يصنع بهم، فقالوا: " لا تتخذ [ن] من كلب سوء جروا " 6، فقال له النعمان بن بشير: انظر ما كان الرسول يصنعه بهم فاصنعه بهم 7.