ولباقي يقرب بعضها من بعض.
أقول: وفي بعض الكتب أنهم لما قربوا من بعلبك كتبوا إلى صاحبها فأمر بالرايات فنشرت، وخرج الصبيان يتلقونهم على نحو من ستة أميال، فقالت أم كلثوم:
أباد الله كثرتكم، وسلط عليكم من يقتلكم، ثم بكى علي بن الحسين عليهما السلام وقال:
[و] هو الزمان فلا تفنى عجائبه * من الكرام وما تهدأ مصائبه فليت شعري إلى كم ذا تجاذبنا * فنونه وترانا لم نجاذبه يسرى بنا فوق أقتاب بلا وطأ * وسائق 1 العيس يحمي عنه غاربه كأننا من أسارى الروم بينهم * كأن ما قاله المختار كاذبه كفرتم برسول الله ويحكم * فكنتم مثل من ضلت مذاهبه 2 ثم قال السيد " ره ": وسار القوم برأس الحسين عليه السلام ونسائه والاسرى من رجاله، فلما قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من شمر وكان في 3 جملتهم، فقالت (له):
لي إليك حاجة، فقال: ما حاجتك؟ فقالت: إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة، وتقدم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها، فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في هذه الحال، فأمر في جواب سؤالها أن يجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه وكفرا، وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق، فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي 4.
وروى صاحب المناقب بإسناده عن زيد، عن آبائه، أن سهل بن سعد قال:
خرجت إلى بيت المقدس حتى توسطت الشام، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار، كثيرة الأشجار، قد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول، فقلت في نفسي: لا نرى لأهل الشام عيدا لا نعرفه نحن، فرأيت قوم يتحدثون، فقلت: يا قوم لكم بالشام عيد لا نعرفه نحن؟ قالوا: يا شيخ نراك غريبا 5؟ فقلت: أنا سهل بن سعد قد رأيت محمدا صلى الله عليه وآله، قالوا: يا سهل ما أعجبك