صلى الله عليه وآله إنا لنحن هم، فبكى الشيخ ورمى عمامته، ورفع رأسه إلى السماء، وقال:
اللهم إني أبرأ 1 إليك من عدو آل محمد صلى الله عليه وآله من الجن والإنس، ثم قال: هل لي من توبة؟ 2 فقال له: نعم إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا، فقال: أنا تائب، فبلغ (ذلك) يزيد بن معاوية حديث الشيخ، فأمر به، فقتل 3.
وقال المفيد وابن نما: روى عبد الله بن ربيعة الحميري قال: أنا لعند يزيد ابن معاوية بدمشق إذ أقبل زجر 4 بن قيس حتى دخل عليه، فقال له يزيد: ويلك ما وراءك؟ وما عندك؟ قال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره، ورد علينا الحسين ابن علي في ثمانية عشر [رجلا] من أهل بيته، وستين من شيعته، فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا أو ينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال، فاختاروا القتال على الاستسلام، فعدونا 5 عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل ناحية حتى إذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، جعلوا يهربون إلى غير وزر، ويلوذون منا بالآكام والحفر لواذا كما لاذ الحمام من الصقر، فوالله يا أمير المؤمنين ما كان إلا جزر جزور، أو نومة قائل، حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، وثيابهم مرملة 6، وخدودهم معفرة، تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الرياح، [و] زوارهم الرخم والعقبان.
فأطرق يزيد هنيئة، ثم رفع رأسه وقال: قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، أما لو كنت 7 صاحبه لعفوت عنه.
ثم إن عبيد الله بن زياد بعد إنفاذه برأس الحسين عليه السلام أمر فتيانه وصبيانه و نساءه فجهزوا، وأمر بعلي بن الحسين فغل بغل في عنقه، ثم سرح بهم في أثر الرؤوس مع محفر 8 بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن لعنه الله، فانطلقوا بهم حتى لحقوا