الثاني فنوح نبي الله، وأما الثالث فإبراهيم خليل الرحمان، وأما الرابع فموسى الكليم، فقلت له: ومن الخامس الذي أراه قابضا على لحيته باكيا حزينا من بينهم؟ فقال لي: يا سكينة أما تعرفيه؟ فقلت: لا، فقال: هذا جدك رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت له: إلى أين يريدون؟ فقال: إلى أبيك الحسين عليه السلام، فقلت: والله لألحقن جدي وأخبرنه بما جرى علينا، فسبقني ولم ألحقه.
فبينما أنا متفكرة وإذا بجدي علي بن أبي طالب عليه السلام، وبيده سيفه، وهو واقف، فناديته: يا جداه قتل والله ابنك من بعدك، فبكى وضمني إلى صدره، وقال:
يا بنية صبرا والله المستعان، ثم إنه مضى ولم أعلم إلى أين، فبقيت متعجبة كيف لم أعلم به، فبينما أنا كذلك إذا بباب قد فتح من السماء، وإذا بالملائكة يصعدون وينزلون على رأس أبي، قال: فلما سمع يزيد ذلك لطم على وجهه وبكى وقال: مالي ولقتل الحسين؟ 1.
وفي رواية أخرى: إن سكينة قالت: ثم أقبل علي رجل دري اللون قمري الوجه، حزين القلب، فقلت للوصيف: من هذا؟ فقال: جدك رسول الله صلى الله عليه وآله، فدنوت منه وقلت له: يا جداه قتلت والله رجالنا، وسفكت والله دماؤنا، وهتكت والله حريمنا، وحملنا على الاقتاب من غير وطاء نساق إلى يزيد، فأخذني إليه وضمني إلى صدره، ثم أقبل على آدم ونوح وإبراهيم وموسى عليهم السلام، ثم قال لهم: ما ترون إلى ما صنعت أمتي بولدي من بعدي؟
ثم قال الوصيف: يا سكينة اخفضي صوتك فقد أبكيتي رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم أخذ الوصيف بيدي فأدخلني القصر، وإذا بخمس نسوة قد عظم الله خلقهن 2 وزاد في نورهن، وبينهن امرأة عظيمة الخلقة، ناشرة شعرها، وعليها ثياب سود، وبيدها قميص مضمخ بالدم، وإذا قامت يقمن معها، وإذا جلست يجلسن معها، فقلت للوصيف: ما هؤلاء النسوة اللاتي قد عظم الله خلقهن 3؟ فقال: يا سكينة هذه حواء أم البشر، وهذه مريم ابنة عمران، وهذه خديجة بنت خويلد، وهذه هاجر، وهذه سارة، وهذه التي