أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي غيري؟ قالوا: اللهم لا، إلى أن قال: سمعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عرضت علي أمتي البارحة فاستغفرت لك ولشيعتك؟ فقالوا: اللهم نعم.
وفى الصواعق المحرقة لابن حجر: وأخرج الدارقطني أن عليا قال للستة الذين جعل عمر الإمامة شورى بينهم كلاما طويلا، من جملته: أنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي أنت قسيم النار يوم القيامة غيري؟ قالوا: اللهم لا (1).
وفي الخبر المذكور أولا أمور:
الأول: قوله (عليه السلام) (بايع الناس أبا بكر وأنا أولى بالأمر وأحق به فسمعت وأطعت مخافة أن يصير الناس كفارا) حجة قاطعة على أنه (عليه السلام) إنما ترك الاصرار على الانكار في خلافة أبي بكر شفقة على الأمة، وخوفا عليهم من الردة، واستصلاحا وتقية.
وقد نقلنا في ذيل الحديث الرابع عشر، عن السيد الأجل علم الهدى ذي المجدين عطر الله مرقده في كتاب تنزيه الأنبياء كلاما جيدا في هذا المقام محصله: ان تركه (عليه السلام) الانكار والخلاف إنما هو لعدم تمكنه وخوفه من الضرر العظيم العائد إلى نفسه وولده وشيعته، أو لخوفه من ارتداد القوم عن الدين وخروجهم عن الاسلام، ونبذهم شعار الشريعة الإلهية، فلا جرم كان الاغضاء أصلح في الدين إذا كان الانكار البليغ والمعارضة البالغة تجر إلى ضرر عظيم لا يتلافى، ومشقة شديدة لا تحسم.
وأطال رحمه الله الكلام في الشافي في بيان أسباب الخوف وأمارات الضرر التي تناصرت ووردت من الجهات المختلفة، وأورد ما فيه مقنع للمتأمل على عادته رضي الله عنه