" اللهم إن الامر قد خلص إلى نفسي وهي أعز الأنفس على وأهمها إلى وقد علمت ربي، وعلمك أفضل من علمي، أنك تعلم مني مالا أعلم من نفسي، لك محياي ومماتي، ودنياي وآخرتي، إليك مرجعي ومنقلبي لا أملك إلا ما أعطيتني ولا أتقي إلا ما وقيتني ولا أنفق إلا ما رزقتني.
بنورك اهتديت، وبفضلك استغنيت، وبنعمتك أصبحت وأمسيت، ملكتني بقدرتك، وقدرت علي بسلطانك، تقضي فيما أردت لا يحول أحد دون قضائك، أوقرتني نعما، وأوقرت نفسي ذنوبا، كثرت خطاي، وعظم جرمي، واكتنفتني شهواتي، فقد ضاق بها ذرعي، وعجز عنها عملي وضعف عنها شكري، وقد كدت أن أقنط من رحمتك إلهي وأن القي إلى التهلكة بيدي الذي أيأس منه عذري، وذكري من ذنوبي وما أسرفت به على نفسي، ولكن رحمتك رب التي تنهضني وتقويني، ولولا هي لم أرفع رأسي، ولم أقم صلبي من ثقل ذنوبي، فإياك أرجو إلهي أنت أرجا عندي من عملي الذي أتخوفه واشفق منه على نفسي.
إلهي وكيف لا أشفق من ذنوبي وقد خفت أن تكون أوبقتني، وقد أحاطت بي وأهلكتني، وأنا أذكر من تضييع أمانتي، وما قد تكلفت به على نفسي، ما لم تحمله الجبال قبلي، ولا السماوات والأرضون، وهي أقوى منى، وحملتها بعلمك بها، وقلة علمي، فلو كان لي علم ينفعني لم تقر في الدنيا عيني، وأصارت حلاوتها مرارة عندي ولفررت هاربا من ذنوبي، لا بيت يأويني، ولا ظل يكنني مع الوحوش مقعدي ومقيلي.
ولو فعلت ذلك لكان يحق لي أن أتخوف على نفسي، والموت يطلبني حثيثا دائبا يقص أثري موكل بي كأنه لا يريد أحدا غيري، ليس يناظرني (1) ساعة إذا جاء أجلى، كأني أراني صريعا بين يديه، وكأني بالموت ليس أحد من الموت يمنعني ولا يدفع كربه عنى ولا أستطيع امتناعا يؤخرني، وبكأس الموت يسقيني