مجد جبروتك، ارتفعت عن صفة المخلوقين صفات قدرتك، وعلا عن ذلك كبير (1) عظمتك لا ينقص ما أردت أن يزداد، ولا يزداد ما أردت أن ينقص، لا أحد شهدك حين فطرت الخلق، ولاند حضرك حين بدأت (2) النفوس، كلت الألسن عن تفسير صفتك وانحسرت العقول عن كنه معرفتك، وكيف توصف وأنت الجبار القدوس الذي لم تزل أزليا دائما في الغيوب وحدك، ليس فيها غيرك، ولم يكن لها سواك ولا هجمت العيون (3) عليك فتدرك إنشاء، ولا تهتدي القلوب لصفتك ولا تبلغ العقول جلال عزتك.
حارت في ملكوتك عميقات مذاهب التفكير، فتواضعت الملوك لهيبتك وعنت الوجوه بذلة الاستكانة لك، وانقاد كل شئ لعظمتك، واستسلم كل شئ لقدرتك وخضعت لك الرقاب، وكل دون ذلك تحبير اللغات، وضل هنالك التدبير في تضاعيف (4) الصفات، فمن تفكر في ذلك رجع طرفه إليه حسيرا، وعقله مبهوتا وتفكره متحيرا.
اللهم فلك الحمد متواترا متواليا، متسقا مستوسقا، يدوم ولا يبد غير مفقود في الملكوت، ولا مطموس في العالم ولا منتقص في العرفان، ولك الحمد فيما لا تحصى مكارمه في الليل إذا أدبر، والصبح إذا أسفر، وفي البر والبحار والغدو والآصال، والعشي والابكار، والظهيرة والاسحار.
اللهم بتوفيقك قد أحضرتني النجاة، وجعلتني منك في ولاية العصمة، فلم أبرح في سبوغ نعمائك، وتتابع آلائك، محفوظا لك في المنعة والدفاع، لم تكلفني فوق طاقتي إذ لم ترض مني إلا طاعتي، فليس شكري ولو دئبت منه في المقال وبالغت في الفعال يبلغ أدنى حقك (5) ولا مكاف فضلك، لأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، لم تغب ولا يغيب عنك غائبة، ولا تخفى في غوامض الولائج عليك