به موسى فمن بعده من الأنبياء فأخبروا بني إسرائيل أني سأنزله عليك يا محمد كتابا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " لا ريب فيه " لا شك فيه لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل، يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم " هدى " بيان من الضلالة " للمتقين " الذين يتقون الموبقات، ويتقون تسليط السفه على أنفسهم، حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه، عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم.
قال: وقال الصادق عليه السلام: ثم الألف حرف من حروف قولك الله، دل بالألف على قولك الله، ودل باللام على قولك الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين ودل بالميم على أنه المجيد المحمود في كل أفعاله، وجعل هذا القول حجة على اليهود، وذلك أن الله لما بعث موسى بن عمران ثم من بعده من الأنبياء إلى بني إسرائيل لم يكن فيهم قوم إلا أخذوا عليهم العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الأمي المبعوث بمكة الذي يهاجر إلى المدينة، يأتي بكتاب بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره، يحفظه أمته فيقرؤنه قياما وقعودا ومشاة، وعلى كل الأحوال، يسهل الله عز وجل حفظه عليهم.
ويقرنون بمحمد صلى الله عليه وآله أخاه ووصيه علي بن أبي طالب عليه السلام الآخذ عنه علومه التي علمها، والمتقلد عنه لأماناته التي قلدها، ومذلل كل من عاند محمدا بسيفه الباتر، ومفحم كل من جادله وخاصمه بدليله القاهر، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب الله حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين، ثم إذا صار محمد صلى الله عليه وآله إلى رضوان الله عز وجل وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان، وحرفوا تأويلاته، وغيروا معانيه، ووضعوها على خلاف وجوهها، قاتلهم بعد على تأويله حتى يكون إبليس الغاوي لهم هو الخاسر الذليل المطرود المغلوب.
قال: فلما بعث الله محمدا وأظهره بمكة ثم سيره منها إلى المدينة وأظهره بها ثم أنزل عليه الكتاب وجعل افتتاح سورته الكبرى بالم، يعني " ألم ذلك الكتاب " وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله عليك يا محمد " لا ريب