46 - نهج البلاغة: من خطبة له عليه السلام: فان تقوى الله مفتاح سداد، وذخيرة معاد وعتق من كل ملكة، ونجاة من كل هلكة، بها ينجح الطالب، وينجو الهارب وتنال الرغائب.
فاعملوا والعمل يرفع، والتوبة تنفع، والدعاء يسمع، والحال هادئة والأقلام جارية، وبادروا بالاعمال عمرانا كسا أو مرضا حابسا أو موتا خالسا، فان الموت هادم لذاتكم، ومكدر شهواتكم، ومباعد طياتكم (1) زائر غير محبوب وقرن غير مغلوب، وواتر غير مطلوب، قد أعلقتكم حبائله، وتكنفتكم غوائله وأقصدتكم معابله (2) وعظمت فيكم سطوته، وتتابعت عليكم عدوته، وقلت عنكم نبوته.
فيوشك أن تغشاكم دواجي ظلله، واحتدام علله، وحنادس غمراته، وغواشي سكراته، وأليم إزهاقه وودجوا أطباقه، وجشوبة مذاقه، فكأن قد أتاكم بغتة فأسكت نجيكم، وفرق نديكم، وعفى آثاركم، وعطل دياركم، وبعث وراثكم يقتسمون تراثكم بين حميم خاص لم ينفع، وقريب محزون لم يمنع، وآخر شامت لم يجزع.
فعليكم بالجد والاجتهاد، والتأهب والاستعداد، والتزود في منزل الزاد، ولا تغرنكم الدنيا كما غرت من كان قبلكم من الأمم الماضية، والقرون الخالية الذين احتلبوا درتها، وأصابوا غرتها، وأفنوا عدتها، وأخلقوا جدتها، أصبحت مساكنهم أجداثا، وأموالهم ميراثا، لا يعرفون من أتاهم، ولا يحلفون من بكاهم ولا يجيبون من دعاهم، فاحذروا الدنيا فإنها غدارة غرارة، خدوع، معطية منوع ملبسة نزوع، لا يدوم رخاؤها، ولا ينقضي عناؤها، ولا يركد بلاؤها (3).
47 - نهج الكيدري: عند شرح قول أمير المؤمنين عليه السلام لهمام في وصف