المعجزات، وخوارق العادات والكرامات، وما لا يقدر عليه بالقوى الجسمانية ومن بذل علمه في الله وعمل به ورثه الله علما لدنيا يزيد في كل ساعة، ومن بذل عزه الفاني الدنيوي في [رضى الله تعالى أعطاه الله عزا حقيقيا لا يتبدل بالذل ابدا كما أن الأنبياء والأوصياء عليهم السلام لما بذلوا عزهم الدنيوي في] (1) سبيل الله أعطاهم الله عزة في الدارين لا يشبه عز غيرهم، فيلوذ الناس بقبورهم وضرايحهم المقدسة والملوك يعفرون وجوههم على أعتابهم، ويتبركون بذكرهم.
ومن بذل حياته البدنية في الجهاد في سبيله عوضه الله حياة أبدية يتصرفون بعد موتهم في عوالم الملك والملكوت، ولذا قال تعالى " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " (2) ومن بذل نور بصره وسمعه في الطاعة أعطاه الله نورا منه به ينظر في ملكوت السماوات والأرض، وبه يسمع كلام الملائكة المقربين، ووحي رب العالمين، كما ورد: المؤمن ينظر بنور الله وورد: بي يسمع وبي يبصر، وإذا تخلى من إرادته وجعلها تابعة لإرادة الله، جعله بحيث لا يشاء إلا أن يشاء الله، وكان الله هو الذي يدبر في بدنه وقلبه وعقله وروحه والكلام هنا دقيق لا تفي به العبارة والبيان، وفي هذا المقام تزل الاقدام.
والرفض الترك " يعمى " اي بصر القلب عن رؤية الحق كما قال تعالى " إنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (3) " ويصم " القلب أيضا عن سماع الحق وقبوله، ويمكن أن يراد بهما عمى البصر الظاهر لعدم انتفاعه بما يرى فكأنه أعمى وصمم السمع الظاهر لأنه لا ينتفع بما يسمع، فكأنه أصم كما قال سبحانه " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة " (4) والبكم نسبته إلى الظاهر أظهر، فإنه لما لم يتكلم بالحق وبما ينفعه، فكأنه أبكم، وإن أمكن حمله أيضا على لسان القلب، فان لسان الرأس معبر عنه حقيقة.
" ويذل الرقاب " لأنه موجب للتذلل عند أهل الدنيا لتحصيله أو يذلها