والعذاب في الآخرة، قال الراغب في قوله تعالى: " خذوا حذركم " (1) اي ما فيه الحذر من السلاح وغيره " وجد في أمرك " أي في تهيئة سفر الآخرة، والاستعداد للقاء الله، من العقايد الحسنة، والأعمال الصالحة، والأخلاق المرضية، فان من أراد سفرا يأخذ الأسلحة لدفع ضرر الطريق، ويجهز ويهيئ ما يحتاج إليه في ذلك السفر.
" واكشف الغطاء عن وجهك " أي أرفع غطاء الغفلة عن وجه قلبك، لتميز بين الحق والباطل، والفاني والباقي، أو عن الجهة التي تتوجه إليه والطريق الذي تسلكه، لئلا يشتبه عليك، فتسلك طريقا يؤديك إلى النار وأنت لا تعلم " وتعرض لمعروف ربك " بما به يستحق إحسانه وتفضله عليك، من صالح النيات والأعمال " وجدد التوبة في قلبك " اي كلما ذكرت معاصيك، وفي النسبة إلى القلب إشعار بأن التوبة أمر قلبي وهي الندامة على ما مضى، والعزم على عدم الاتيان بمثله فيما سيأتي، وفيه دلالة على حسن تكرار التوبة، وإن كانت عن معصية واحدة، " واكمش " أي أسرع وعجل، في الصحاح الكمش الرجل السريع الماضي، وقد كمش بالضم كماشة فهو كمش وكميش وكمشته تكميشا أعجلته، وانكمش وتكمش أسرع انتهى.
" في فراغك " أي في أن تفرغ من الأمور التي تحتاج إليه في الآخرة أو في فراغك من الدنيا، وجعلك نفسك فارغة منها للآخرة، أو في قصدك إلى الآخرة أو أسرع في العمل في أيام فراغك قبل أن تشتغل أو تبتلى بشئ يمنعك عنه، فان الفراغ خلاف الشغل قال في المصباح: فرغ من الشغل فروغا من باب قعد ومن باب تعب لغة لبني تميم، والاسم الفراغ، وفرغت للشئ وإليه قصدت.
أقول: ويؤيد المعنى الأخير ما روي في مجالس الشيخ عن ابن عمر خذ من حياتك لموتك، وخذ من صحتك لسقمك، وخذ من فراغك لشغلك، فإنك يا عبد الله ما تدري