لقبول الباطل من أهله من الذل بالكسر، وهو ضد الصعوبة " فتدارك ما بقي " التدارك ليس هنا بمعنى التلافي، ولا بمعنى التلاحق، بل بمعنى الادراك اي أدركه ولا تفوته كقوله تعالى: " لولا أن تداركه نعمة من ربه " (1) اي أدركته بإجابة دعائه كما قاله الطبرسي، ويحتمل أن يكون ما بقي ظرفا والمفعول مقدرا اي تلاف ما فات منك فيما بقي من عمرك لكنه بعيد " ولا تقل غدا " أي أتوب أو أعمل غدا " حتى أتاهم أمر الله " أي بالموت أو بالعذاب " بغتة " بالفتح وقد تحرك أي فجاءة " وهم غافلون " من إتيانه " على أعوادهم " أي كائنين على السرر والتوابيت المعمولة من الأعواد " إلى قبورهم المظلمة الضيقة " فإنها على الأشقياء كذلك وإن كانت للأصفياء روضة من رياض الجنة " فانقطع " اي عن الدنيا وأهلها " بقلب " أي مع قلب " منيب " اي تائب راجع عن الذنوب إشارة إلى قوله تعالى: " من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب " (2) قال الطبرسي: أي وافى الآخرة بقلب مقبل على طاعة الله راجع إلى الله بضمائره " من رفض الدنيا " " من " تعليل للإنابة أو للانقطاع " وعزم " عطف على " قلب "، " ليس فيه انكسار " اي وهن " ولا انخزال " اي تثاقل أو انقطاع في القاموس: الانخزال مشية في تثاقل والانخزال الانفراد، والحذف، والاقتطاع، وانخزل عن جوابي لم يعبأ به، وفي كلامه انقطع " لمرضاته " اي لما يوجب رضاه عنا.
40 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة وغيره، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله (3).
بيان: " كمثل ماء البحر " اي المالح، وهذا من أحسن التمثيلات للدنيا وهو مجرب، فان الحريص على جمع الدنيا كلما ازداد منها ازداد حرصه عليها وأيضا كلما حصل منها لا بد له لحفظه ونموه وسائر ما يليق به ويناسبه من