والتسويف، حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون، فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة، وقد أسلمهم الأولاد والأهلون.
فانقطع إلى الله بقلب منيب: من رفض الدنيا، وعزم ليس فيه انكسار، ولا انخزال، أعاننا الله وإياك على طاعته، ووفقنا الله وإياك لمرضاته (1).
بيان: قال الراغب: الوعظ زجر مقترن بتخويف، وقال الخليل: هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب، والعظة والموعظة الاسم، وقال: الوصية التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ، من قولهم ارض واصية متصلة النبات، ويقال: أوصاه ووصاه " فان من اتقى الله " علة للوصية " عز " اي بعزة واقعية ربانية لا تزول باذلال الناس كما قال تعالى " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " (2) " وقوي " بقوة معنوية إلهية لا تشبه القوى الدنية، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية، بل بقوة ربانية " وشبع وروي " من غير اكتساب لقوله تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " (3) أو شبع بالعلوم الدينية، وارتوى بزلال الحكمة الإلهية.
" ورفع عقله " على بناء المجهول " عن أهل الدنيا " أي صار عقله أرفع من عقولهم أو ارفع من أن ينظر إلى الدنيا وأهلها، ويلتفت إليهم ويعتني بشأنهم إلا لهدايتهم وإرشادهم " فبدنه مع أهل الدنيا " لكونه من جنس أبدانهم في الصورة الجسدانية " وقلبه وعقله " لشدة يقينه " معاين الآخرة " لتخليته عن العلائق الجسمانية.
" من حب الدنيا " من للبيان أو للتبعيض وإسناد الابصار إلى الحب على المجاز أو المصدر بمعنى المفعول، أو هو بالكسر قال في القاموس: الحب بالكسر المحبوب، شبه عليه السلام ما أبصره أو أحبه بالنار في الاهلاك، استعارة مكنية، ونسبة الاطفاء إليه تخييلية.