وتخلية بينه وبين ما سولته له نفسه " فمن تبعك منهم فان جهنم جزاؤكم " جزاؤك وجزاؤهم، فغلب المخاطب على الغائب، ويمكن أن يكون الخطاب للتابعين على الالتفات " جزاء موفورا " مكملا من قولهم: " فر لصاحبك عرضه " (1) وانتصاب جزاء على المصدر باضمار فعله، أو بما في جزائكم من معنى تجازون، أو حال موطئة لقوله:
" موفورا " " واستفزز " واستخف " من استطعت منهم " أن تستفزه. والفز: الخفيف " بصوتك " بدعائك إلى الفساد (2).
وقال الرازي: يقال: أفزه الخوف واستفزه أي أزعجه واستخفه، وصوته دعاؤه إلى معصية الله.
وقيل: أراد بصوتك الغناء واللهو واللعب، والأمر للتهديد " وأجلب عليهم " قال الفراء إنه من الجلبة وهي الصياح، وقال الزجاج في فعل وأفعل: أجلب على العدو اجلابا: إذا جمع عليه الخيول، وقال ابن السكيت: يقال: هم يجلبون عليه ويجلبون عليه بمعنى أي يعينون عليه (3) وعن ابن الأعرابي: أجلب الرجل (4) الرجل: إذا توعده الشر وجمع عليه الجمع، فالمعنى على قول الفراء: صح عليهم بخيلك ورجلك، وعلى قول الزجاج، أجمع عليهم كل ما تقدر من مكائدك، فالباء زائدة، وعلى قول ابن السكيت أعن عليهم (5)، ومفعول الاجلاب محذوف كأنه يستعين على إغوائهم بخيله ورجله وهذا يقرب من قول ابن الأعرابي، واختلفوا في تفسير الخيل والرجل، فروي عن ابن عباس أنه قال: كل راكب أو راجل في معصية الله فهو من خيل إبليس وجنوده ويدخل فيه كل راكب وماش في معصية الله، فخيله ورجله كل من شاركه في الدعاء