بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦٠ - الصفحة ١٨٠
نسي ذلك لاستغراقه في الاستبصار وانجذاب شراشره إلى جناب القدس بما عراه من مشاهدة الآيات الباهرة، وإنما نسبه إلى الشيطان هضما لنفسه، أو لأن عدم احتمال القوة للجانبين واشتغالها بأحدهما عن الآخر يعد من نقصان (1) انتهى، قوله تعالى: " لا تعبد الشيطان " أي لا تطعه في عبادة الآلهة، ثم علل ذلك بأن الشيطان عاص لله والمطاوع للعاصي عاص، " وليا " أي قرينا في اللعن أو العذاب تليه ويليك، أو ثابتا في موالاته فإنه أكبر من العذاب كما أن رضوان الله أكبر من الثواب.
قوله: " والشياطين " قال البيضاوي: عطف أو مفعول معه لما روي أن الكفرة يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم كل مع شيطانه في سلسلة " جثيا " على ركبهم لما يدهمهم من هول المطلع، أو لأنه من توابع التواقف للحساب (2).
" إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين " قال الطبرسي: أي خلينا (3) بينهم و بين الشياطين إذا وسوسوا إليهم ودعوهم إلى الضلال حتى أغووهم ولم يحل بينهم وبينهم بالالجاء ولا بالمنع، وعبر عن ذلك بالارسال على سبيل المجاز والتوسع، وقيل:
معناه سلطانهم عليهم ويكون في معنى التخلية أيضا " تؤزهم أزا " أي تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلى المعصية عن ابن عباس.
وقيل: تغريهم إغراء بالشئ (4) تقول: امض في هذا الأمر حتى توقعهم في النار عن ابن جبير (5).
قوله سبحانه: " ومن الشياطين من يغوصون له " قال الرازي: المراد أنهم يغوصون له في البحار فيستخرجون الجواهر ويتجاوزن ذلك إلى الأعمال المهين (6)

(1) أنوار التنزيل 2: 20.
(2) أنوار التنزيل 2: 43.
(3) في نسخة: [ولم يخل] وفى المصدر: ولم نحل.
(4) في نسخة: [تغويهم اغواء بالشئ] وفى المصدر: تغريهم اغراء بالشر.
(5) مجمع البيان 6: 530 و 531.
(6) في المصدر: إلى الاعمال والمهن.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست