ومجاهدة الكفار، والعطف على محذوف دل عليه ما قبله، فإنه حال يتضمن تعليلا أو اللام صلة لمحذوف، أي أنزله ليعلم الله " بالغيب " حال من المستكن في " ينصره ".
" إن الله قوي " على إهلاك من أراد إهلاكه " عزيز " لا يفتقر إلى نصرة، وإنما أمرهم بالجهاد لينتفعوا به ويستوجبوا ثواب الامتثال فيه.
وقال الرازي: وأما الحديد ففيه البأس الشديد فإن آلات الحرب متخذة منه، وفيه أيضا منافع كثيرة منها قوله تعالى " وعلمناه صنعة لبوس لكم " ومنها أن مصالح العالم إما أصول وإما فروع، أما الأصول فأربعة: الزراعة، والحياكة، وبناء البيوت، والسلطنة. وذلك لان الانسان يضطر إلى طعام يأكله وثوب يلبسه وبناء يسكن فيه، والانسان مدني بالطبع فلا تتم مصلحته إلا عند اجتماع جمع من أبناء جنسه ليشتغل كل واحد منهم بمهم خاص فحينئذ ينتظم من الكل مصالح الكل وذلك الانتظام لابد وأن يفضي إلى المزاحمة ولا بد من شخص يدفع ضرر البعض عن البعض وذلك هو السلطان، فثبت أنه لا تنتظم مصلحة العالم إلا بهذه الأصول الأربعة. أما الزراعة فمحتاجة إلى الحديد وذلك من كرب الأرض وحفرها، ثم عند تكون هذه الحبوب وتولدها لا بد من جزها وتنقيتها وذلك لا يتم إلا بالحديد (1). ثم لا بد من خبزها ولا يتم إلا بالنار ولابد فيها من المقدحة الحديدية. وأما الفواكه فلا بد من تنظيفها من قشورها وقطعها على الوجوه الموافقة للأكل ولا يتم ذلك إلا بالحديد.
ثم يحتاج في آلات الحياكة إلى الحديد ثم نفزع (2) في قطع الثياب وخياطتها إلى الحديد، والذهب لا يقوم مقام الحديد في شئ من هذه المصالح، فلو لم يوجد الذهب في الدنيا ما كان يختل شئ من مصالح الدنيا، ولو لم يوجد الحديد لاختل جميع مصالح الدنيا. ثم إن الحديد لما كانت الحاجة إليه شديدة جعله سهل الوجدان كثير الوجود والذهب لما قلت الحاجة إليه جعله عزيز الوجود، وعند هذا يظهر أثر جود الله ورحمته على عبيده، فإن كل ما كانت حاجاتهم إليه أكثر جعل وجدانه أسهل. ولهذا قال بعض