" وأن إلى ربك المنتهى " (1) وكما أن الامكان لازم للممكن حال حدوثه وبقائه فافتقاره إلى الواجب حاصل حال حدوثه وحال بقائه، وهذا الافتقار الذاتي اللازم للماهية أدل على الخضوع والتواضع من وضع الجبهة على الأرض، فإن ذلك علامة وضعية للافتقار، وقد يتطرق إليه الصدق والكذب، أما نفس الافتقار الذاتي فإنه ممتنع التغير والتبدل، فجميع الممكنات ساجدة بهذا المعنى لله أي خاضعة متذللة معترفة بالفاقة إليه والحاجة إلى تخليقه وتكوينه، وعلى هذا تأولوا قوله " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " وهذا قول القفال. القول الثالث أن سجود هذه الأشياء سجود ظلها كقوله تعالى " يتفيؤوا ظلاله - الآية - " وهذا قول مجاهد (2) - انتهى -.
قوله تعالى " أو بي معه " قال البيضاوي: أي ارجعي معه التسبيح على الذنب أو النوحة، وذلك إما بخلق صوت مثل صوته فيها، أو بحملها إياه على التسبيح إذا تأمل (3) فيها، أو: سيري معه حيث سار. و " الطير " عطف على محل " الجبال ".
" وألنا له الحديد " جعلناه في يده كالشمع يصرفه كيف يشاء من غير إحماء وطرق بآلاته أو بقوة " عين القطر " أي النحاس المذاب أسال (4) له من معدنه فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك سماه عينا. و [كان] ذلك باليمن (5). " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا " أي كراهة أن تزولا، فإن الممكن حال بقائه لابد له من حافظ أو يمنعهما أن تزولا لان الامساك منع. " ولئن زالتا إن أمسكهما " أي ما أمسكهما " من أحد من بعده " أي من بعد الله أو من بعد الزوال، والجملة سادة مسد الجوابين، و " من " الأولى مزيدة، والثانية للابتداء " إنه كان حليما غفورا " حيث أمسكهما وكانتا جديرتين أن تهدا هدا، لاعمال العباد.
قوله تعالى " فيه بأس شديد " فإن آلات الحرب متخذة عنه " ومنافع للناس " إذ ما من صنعة إلا والحديد آلتها " وليعلم الله من ينصره ورسله " باستعمال الأسلحة