ويغيب النصف الظاهر جزء بعد جزء كذلك في جميع نصف الأفق الغربي في مدة اليوم بليلته إلى أن يعود وضع الفلك إلى حاله الأولى، ويزيد النهار في تلك الآفاق إلى أن يصير مقدار يوم بليلته نهارا كلها، وذلك عند وصول الشمس إلى المنقلب الظاهر.
وهذا إذا اعتبر ابتداء النهار من وصول مركز الشمس إلى الأفق، وإن اعتبر ابتداء النهار من ظهور الضوء واختفاء الثوابت كان نهارهم عند الوصول المذكور شهرا - على ما بينه " ساو ذوسيوس " في الرسالة التي بين فيها حال المساكن - ثم يحدث ليل في غاية القصر بحيث يتداخل الشفق والفجر، ويزيد شيئا فشيئا إلى أن يصير مقدار يوم بليلته ليلة كله، وبعد ذلك يحدث نهار قصير، وهكذا. وفي هذا القسم نهاية العمارة في جانب الشمال، ولا تمكن العمارة بعده لشدة البرد.
وأما القسم الخامس فيكون فيه أعظم المدارات الأبدية الظهور قاطعا لمنطقة البروج على نقطتين يساوي ميلهما في جهة القطب الظاهر، وأعظم المدارات الأبدية الخفاء قاطعا لها على نقطتين متقابلتين لهما; فتنقسم منطقة البروج لا محالة إلى أربع قسي يتوسطها الاعتدالان والانقلابان: إحديهما أبدي الظهور وهي التي يتوسطها المنقلب الذي في جهة القطب الظاهر، ومدة كون الشمس فيها نهارهم الأطول. والثانية أبدي الخفاء وهي التي يتوسطها المنقلب الآخر، ومدة كون الشمس فيها ليلهم الأطول وأما القوسان الباقيتان فالتي يتوسطها أول الحمل تطلع معكوسة أي يطلع آخرها قبل أولها، وتغرب مستوية أي يغرب أولها قبل آخرها إن كان القطب الظاهر شماليا وتطلع مستوية وتغرب معكوسة إن كان القطب الظاهر جنوبيا; والتي يتوسطها أول الميزان يكون بالضد من ذلك. ومثلوا لتصوير الطلوع والغروب المعكوسين مثالا لسهولة تصورهما تركناه مع سائر أحكام هذا القسم لقلة الجدوى.
وأما الموضع الذي عرضه ربع الدور وهو تسعون درجة فأوضاعه غريبة جدا وذلك لا يكون على الأرض إلا عند موضعين يكون أحد قطبي المعدل على سمت الرأس والآخر على سمت القدم، فتصير لا محالة دائرة معدل النهار منطبقة على الأفق، و يدور الفلك بالحركة الأولى التابعة للفلك الأعظم رحوية ولا يبقى في الأفق مشرق