الظل في أنصاف النهار إلى جهة القطب الخفي، وما دامت الشمس في القوس الآخر يقع الظل في أنصاف النهار إلى جهة القطب الظاهر، ولارتفاع الشمس في النقصان غايتان:
إحداهما من جهة القطب الظاهر وهو أكثر، والأخرى من جهة القطب الخفي وهو أقل، ولا تكون فصول السنة في تلك الآفاق متساوية، بل إذا كانت النقطتان المذكورتان متقاربتين كان صيفهم أطول من غيره، لان الشمس تسامت رؤسهم مرتين وليس بعدها على قدر يكون في وسطه فتور للسخونة، وإن زادت على الأربعة كما إذا كانت النقطتان متباعدتين لم تكن متشابهة لاختلاف غايتي بعد الشمس عن سمت الرأس في الجهتين بخلاف خط الاستواء لتساويهما.
وأما القسم الثاني فمدار المنقلب الذي في جهة القطب الظاهر يمر بسمت الرأس ومدار المنقلب الآخر بسمت الرجل، ولا يكون لارتفاع الشمس إلا غاية واحدة في جانب النقصان، وفي جانب الزيادة يكون تسعين درجة، ويكون الظل أبدا عند الزوال في جهة القطب الظاهر، إلا في يوم واحد حين كونها في المنقلب الظاهر، فإنه لا يكون في هذا اليوم عند الزوال لشئ ظل، ويكون أحد قطبي فلك البروج أبدي الظهور والآخر أبدي الخفاء. وارتفاعات الشمس تتزايد من أحد الانقلابين إلى الآخر، ثم ترجع وتتناقص إلى أن تعود إليه وتصير فصول السنة أربعة لا غير وتكون متساوية المقادير.
وأما القسم الثالث فلا تنتهي الشمس إلى سمت الرأس، ويكون لها ارتفاعان:
أعلى، وهو ما يكون بقدر مجموع الميل الكلي وتمام عرض البلد. وأسفل، وهو يكون بقدر فضل تمام عرض البلد على الميل الكلي، وسائر الأحوال كما مر.
وأما القسم الرابع فيصير مدار المنقلب الذي في جهة القطب الظاهر أبدي الظهور ومدار المنقلب الآخر أبدي الخفاء. ويمر مدار قطب فلك البروج الظاهر بسمت الرأس، ومدار القطب الآخر بمقابله، وفي كل دورة تنطبق منطقة البروج مرة على الأفق، ثم يرتفع النصف الشرقي من المنطقة دفعة عن الأفق وينحط نصفها الآخر عنه كذلك، ثم يطلع النصف الخفي جزء بعد جزء في جميع أجزاء نصف الأفق الشرقي