زماني نهارهم وليلهم دائما تنكسر سورتا كل واحدة من الكيفيتين الحادثتين منهما بالأخرى فيعتدل الزمان. وحكم أيضا بأن أحر البقاع صيفا التي تكون عروضها مساوية للميل الكلي، فان الشمس تسامتها وتلبث في قرب مسامتتها قريبا من شهرين، ونهارها حينئذ يطول وليلها يقصر. ورد الفخر الرازي عليه الحكم الأول بأن قال: لبث الشمس في خط الاستواء وإن كان قليلا لكنها لا تبعد كثيرا عن المسامتة، فهي طول السنة في حكم المسامتة، ونحن نرى بقاعا أكثر ارتفاعات الشمس فيها لا يزيد على أقل ارتفاعاتها بخط الاستواء وحرارة صيفها في غاية الشدة. فيعلم من ذلك أن حرارة شتاء خط الاستواء تكون أضعاف حرارة صيف تلك البقاع. وحكم بأن أعدل البقاع هو الإقليم الرابع.
وقال المحقق الطوسي - ره -: الحق في ذلك أنه إن عنى بالاعتدال تشابه الأحوال فلا شك أنه في خط الاستواء أبلغ كما ذكره الشيخ، وإن عنى به تكافؤ الكيفيتين فلا شك أن خط الاستواء ليس كذلك، يدل عليه شدة سواد لون سكانه من أهل الزنج والحبشة وشدة جعود شعورهم وغير ذلك مما تقتضيه حرارة الهواء، وأضداد ذلك في الإقليم الرابع تدل على كون هوائه أعدل. بل السبب الكلي في توفر العمارات وكثرة التوالد والتناسل في الأقاليم السبعة دون سائر المواضع المنكشفة من الأرض يدل على كونها أعدل من غيرها، وما يقرب من وسطها لا محالة يكون أقرب إلى الاعتدال مما يكون على أطرافها. فإن الاحتراق والفجاجة اللازمين من الكيفيتين ظاهران في الطرفين - انتهى -.
فعلى ما ذكره - قدس سره - سكان الإقليم الرابع أعدل الناس خلقا وخلقا، و أجودهم فطانة وذكاء. ومن ثمة كان معدن الحكماء والعلماء، وبعدهم سكان الإقليمين:
الثالث، والخامس. وأما سائر الأقاليم فأكثرها ناقصون في الجبلة عما هو أفضل، يدل عليه سماجة صورهم وسوء أخلاقهم وشدة احتراقهم من الحر أو فجاجتهم من البرد كالحبشة والزنج في الأول والثاني، وكيأجوج ومأجوج وبعض الصقالبة في السادس والسابع. وأما الآفاق التي لها عرض أقل من الربع فهي على خمسة أقسام: الأول أن يكون عرضه أقل من الميل الكلي، الثاني أن يكون عرضه مساويا للميل الكلي