فخسفت الأرض فتخرج منه نار لشدة الحركة الموجبة لاشتعال البخار والدخان لا سيما إذا امتزجا امتزاجا مقربا إلى الدهنية، وربما قويت المادة على شق الأرض فتحدث أصوات هائلة، وربما حدثت الزلزلة من تساقط عوالي وهدات في باطن الأرض فيتموج بها الهواء المحتقن فيتزلزل بها الأرض، وقليلا ما تتزلزل بسقوط قلل الجبال عليها لبعض الأسباب. وقد يوجد في بعض نواحي الأرض قوة كبريتية ينبعث منها دخان و في الهواء رطوبة بخارية فيحصل من اختلاط دخان الكبريت بالاجزاء الرطبة الهوائية مزاج دهني، وربما اشتعل بأشعة الكواكب وغيرها فيرى بالليل شعل مضيئة.
وقال شارح المقاصد: قد يعرض لجزء من الأرض حركة بسبب ما يتحرك تحتها فيحرك ما فوقه ويسمى الزلزلة، وذلك إذا تولد تحت الأرض بخار أو دخان أو ريح أو ما يناسب ذلك وكان وجه الأرض متكاثفا عديم المسام أو ضيقها جدا وحاول ذلك الخروج ولم يتمكن لكثافة الأرض تحرك في ذاته وحرك الأرض، وربما شقتها لقوته، وقد ينفصل منه نار محرقة وأصوات هائلة لشدة المحاكة والمصاكة، وقد يسمع منها دوي لشدة الريح. ولا يوجد الزلزلة في الأراضي الرخوة لسهولة خروج الأبخرة وقلما تكون في الصيف لقلة تكاثف وجه الأرض. والبلاد التي تكثر فيها الزلزلة إذا حفرت فيها آبار كثيرة حتى كثرت مخالص الأبخرة قلت الزلزلة. وقد يصير الكسوف سببا للزلزلة لفقد الحرارة الكائنة عن الشعاع دفعة، وحصول البرد الحاقن للرياح في تجاويف الأرض بالتحصيف (1) بغتة، ولا شك أن البرد الذي يعرض بغتة يفعل مالا يفعل العارض بالتدريج. قال ذلك وأمثاله نقلا عن الحكماء. ثم قال: ولعمري إن النصوص الواردة في استناد هذه الآثار إلى القادر المختار قاطعة، وطرق الهدى إلى ذلك واضحة، لكن من لم يجعل الله له نورا فماله من نور - انتهى -.
وقال بعض من يدعي اقتفاء آثار الأئمة الأبرار وعدم الخروج عن مدلول الآيات والاخبار: ولما كانت الأبخرة والأدخنة المحتقنة في تجاويف الأرض بمنزلة عروقها وإنما تتحرك بقوى روحانية ورد في الحديث أن الله سبحانه إذا أراد أن