الحسيني، عن الآمدي، عن عبد الرحمن بن قريب، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: دخلت مع علي بن الحسين عليهما الصلاة والسلام على عبد الملك ابن مروان، قال. فاستعظم عبد الملك ما رأى من أثر السجود بين عيني علي بن الحسين عليه السلام فقال: يا أبا محمد لقد بين عليك الاجتهاد، ولقد سبق لك من الله الحسنى وأنت بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله قريب النسب وكيد السبب، وإنك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك، ولقد أوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك إلا من مضى من سلفك، وأقبل يثني عليه ويطريه، قال:
فقال علي بن الحسين عليه السلام: كلما ذكرته ووصفته من فضل الله سبحانه وتأييده وتوفيقه فأين شكره على ما أنعم يا أمير المؤمنين؟ كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقف في الصلاة حتى ترم قدماه، ويظمأ في الصيام حتى يعصب فوه، فقيل له: يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول صلى الله عليه وآله: أفلا أكون عبدا شكورا، الحمد لله على ما أولى وأبلى، وله الحمد في الآخرة والأولى، والله لو تقطعت أعضائي، وسالت مقلتاي على صدري، لن أقوم لله جل جلاله بشكر عشر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمه التي لا يحصيها العادون، ولا يبلغ حد نعمة منها على جميع حمد الحامدين، لا والله أو يراني الله لا يشغلني شئ عن شكره وذكره، في ليل ولا نهار، ولا سر ولا علانية، ولولا أن لأهلي علي حقا، ولسائر الناس من خاصهم وعامهم علي حقوقا لا يسعني إلا القيام بها حسب الوسع والطاقة حتى أؤديها إليهم لرميت بطرفي إلى السماء، وبقلبي إلى الله، ثم لم أرددهما حتى يقضي الله على نفسي وهو خير الحاكمين، وبكى عليه السلام وبكى عبد الملك وقال:
شتان بين عبد طلب الآخرة وسعى لها سعيها، وبين من طلب الدنيا من أين جاءته ماله في الآخرة من خلاق، ثم أقبل يسأله عن حاجاته وعما قصد له فشفعه فيمن شفع، ووصله بمال.