فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين فقالت: خذ هذا أيها الطارق! فعسى الله أن يرتاح لك ما هو خير منه، قال الأعرابي: يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فناولتيني جلد كبش ما أنا صانع به مع ما أجد من السغب.
قال: فعمدت لما سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة بنت عمها حمزة بن عبد المطلب، فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي فقالت:
خذه وبعه فعسى الله أن يعوضك به ما هو خير منه، فأخذ الأعرابي العقد وانطلق إلى مسجد رسول الله والنبي (صلى الله عليه وآله) جالس في أصحابه، فقال: يا رسول الله أعطتني فاطمة [بنت محمد] هذا العقد فقالت: بعه فعسى الله أن يصنع لك.
قال: فبكى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: وكيف لا يصنع الله لك وقد أعطتكه فاطمة بنت محمد سيدة بنات آدم.
فقام عمار بن ياسر رحمة الله عليه فقال: يا رسول الله أتأذن لي بشراء هذا العقد؟ قال: اشتره يا عمار فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله بالنار، فقال عمار: بكم العقد يا أعرابي؟ قال: بشبعة من الخبز واللحم، وبردة يمانية أستر بها عورتي واصلي فيها لربي، ودينار يبلغني إلى أهلي، وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله (صلى الله عليه وآله) من خيبر ولم يبق منه شيئا فقال: لك عشرون دينارا ومأتا درهم هجرية وبردة يمانية وراحلتي تبلغك أهلك وشبعك من خبز البر واللحم.
فقال الأعرابي: ما أسخاك بالمال أيها الرجل، وانطلق به عمار فوفاه ما ضمن له.
وعاد الأعرابي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشبعت واكتسيت؟ قال الأعرابي: نعم واستغنيت بأبي أنت وأمي، قال: فأجز فاطمة بصنيعها فقال الأعرابي: اللهم إنك إله ما استحدثناك، ولا إله لنا نعبده سواك وأنت رازقنا على كل الجهات اللهم أعط فاطمة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
فأمن النبي (صلى الله عليه وآله) على دعائه وأقبل على أصحابه فقال: إن الله قد أعطى